دخل الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، مرحلة جديدة من الإصلاح المالي من خلال إطلاق خطة غير مسبوقة تستهدف محاصرة التهرب والغش الضريبيين اللذين يكبدان خزينة الدولة خسائر ضخمة. وتعد هذه الخطوة، التي تندرج ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026، منعطفا حاسما في مسار تحديث المنظومة الجبائية وترسيخ مبادئ الشفافية والإنصاف.
وترتكز الخطة الحكومية الجديدة، التي يشرف عليها لقجع بشكل مباشر، على مجموعة من الإجراءات الميدانية الرامية إلى توسيع الوعاء الضريبي وتعزيز العدالة الجبائية. ويبرز في مقدمة هذه التدابير توسيع نظام الاقتطاع من المنبع ليشمل فئات إضافية من الفاعلين الاقتصاديين، مع تركيز خاص على القطاع غير المهيكل الذي ظل خارج دائرة المراقبة الضريبية لعقود.
كما تشمل الخطة إلزام المعنيين بالتصريح الدقيق بالأرباح الناتجة عن تفويت رؤوس الأموال المنقولة، مع ضرورة أداء المستحقات في أجل أقصاه ثلاثون يوما، إلى جانب تشديد الرقابة على التصريحات الخاصة بالضريبة على القيمة المضافة (TVA)، التي تعتبر من أبرز بؤر التهرب الضريبي في الاقتصاد الوطني.
ويؤكد مراقبون أن هذه الإجراءات لا تختزل في بعدها التقني، بل تعكس توجها جديدا في فلسفة تدبير المالية العمومية، يقوم على “ربط المسؤولية بالمحاسبة” واعتماد الشفافية كمرجع أساسي للعلاقة بين الإدارة الضريبية والمواطن والمقاولات.
ويرى خبراء الاقتصاد أن رهان استرجاع 100 مليار درهم من العائدات الضريبية المهدورة يمثل خطوة استراتيجية نحو تحقيق السيادة المالية وتقليص التبعية للتمويل الخارجي، مما يتيح للحكومة توسيع هامش تمويل البرامج الاجتماعية والاستثمارات العمومية.
كما دعا الخبراء إلى تعميم هذه المقاربة الصارمة لتشمل مختلف القطاعات والمؤسسات العمومية، مؤكدين أن مكافحة التهرب الضريبي يجب أن تتكامل مع إصلاح شامل يهم الحكامة المالية وترشيد النفقات العامة.
ويجمع المراقبون على أن الإصلاح الذي يقوده فوزي لقجع يشكل أكثر من مجرد حملة إدارية، بل هو مشروع وطني لبناء علاقة جديدة بين الدولة والمجتمع قوامها الثقة والمساءلة، إذ إن كل درهم يستعاد من التهرب الضريبي يساهم في تعزيز السيادة الاقتصادية وترسيخ أسس التنمية المستدامة.
