في ظل تصاعد أعداد الضحايا المدنيين خلال عمليات توزيع المساعدات الغذائية في قطاع غزة، خرجت رئيسة حزب الخضر الألماني، فرانتسيسكا برانتنر، بموقف حازم، مطالبة الحكومة الألمانية بوقف فوري لتصدير الأسلحة التي قد تستخدم في القطاع. وحسب مصادر إعلامية، قالت برانتنر في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، إن استمرار تصدير هذه الأسلحة في ظل ما وصفته بـ”الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي”، لم يعد مقبولا، مشددة على ضرورة أن تكون برلين واضحة في مواقفها وأن تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية.
وأشارت المسؤولة الألمانية إلى تقارير أممية وإنسانية أفادت بأن أكثر من 400 مدني فلسطيني لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية منذ أواخر شهر ماي، واصفة ما يجري بأنه “كارثة إنسانية تتطلب تدخلا عاجلا”. ولفتت إلى وجود مزاعم جدية بأن جنودا إسرائيليين تلقوا أوامر بإطلاق النار على مدنيين عزل قرب نقاط توزيع المساعدات، رغم غياب أي تهديد حقيقي. وتساءلت برانتنر عن جدوى استمرار الدعم العسكري في مثل هذه الظروف، حيث تثار شبهة استخدام الأسلحة الألمانية في عمليات ترقى إلى جرائم حرب.
ووفقا للمصادر الإعلامية ذاتها، أكد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف أن ما لا يقل عن 410 أشخاص قتلوا في سياق عمليات توزيع الغذاء، مشيرا إلى أن تلك الحوادث تنطوي على استخدام مفرط للقوة من قبل القوات الإسرائيلية. وأوضح المتحدث باسم المكتب أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن بعض هذه الهجمات كانت موجّهة ضد الحشود دون وجود تهديد مباشر، ما يعزز المخاوف من ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني.
وتأتي هذه الدعوات في وقت تواصل فيه إسرائيل نفيها للمزاعم، مؤكدة أن قواتها لا تستخدم الذخيرة الحية إلا في حال تعرضها للخطر. غير أن شهود عيان ومنظمات حقوقية قدموا روايات متكررة تفيد بإطلاق نار مباشر على المدنيين الجائعين، ما يزيد الضغوط على الحكومة الإسرائيلية، وأيضا على الحكومات الغربية الداعمة لها. وفي هذا السياق، تبدو ألمانيا، أحد أبرز مصدري السلاح لتل أبيب، في موقع مساءلة داخليا وخارجيا بشأن مدى التزامها بالمعايير الأخلاقية والاتفاقيات الدولية في ما يتعلق بتصدير الأسلحة.
وشددت برانتنر على ضرورة فتح تحقيق مستقل وشفاف في هذه الحوادث، مؤكدة أن الوضع الإنساني في غزة لا يحتمل مزيدا من التجاهل. كما دعت إلى تمكين الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من أداء مهامها دون عوائق أو تهديد، مشيرة إلى أن وقف إطلاق النار وإنهاء الحصار باتا أولويتين ملحتين. وبينما يتسارع السجال السياسي داخل ألمانيا، تتزايد الأصوات المطالبة بإعادة النظر في العلاقة العسكرية مع إسرائيل، في ظل تصاعد التكلفة الإنسانية للصراع في القطاع المحاصر.