كشفت النسخة الأحدث من تقرير “الأخبار الرقمية 2025”، الصادر عن معهد رويترز للصحافة أمس الثلاثاء 18 يونيو 2025، عن تراجع مقلق في ثقة المغاربة بوسائل الإعلام، التي لم تحصد سوى 28% من ثقة الجمهور، وهو من بين أدنى المعدلات عالميا. ويرى قطاع واسع من المواطنين أن الإعلام المحلي يفتقر إلى الاستقلالية، إذ يتجنب تناول القضايا الحساسة ويعكس غالبا وجهات نظر رسمية. ويضعف هذا الوضع مصداقية المؤسسات الإعلامية التقليدية ويزيد من اتساع الفجوة بين الإعلام والجمهور، في سياق يشهد تحولات سريعة في أنماط استهلاك الأخبار.

وحسب التقرير الذي اطلعت عليه THE PRESS, يعتمد نحو 78% من المغاربة على الإنترنت كمصدر رئيسي للمعلومات، مما يجعل المنصات الاجتماعية وتطبيقات المراسلة أبرز القنوات الإخبارية في البلاد. وقد تصدر “يوتيوب” و”فيسبوك” القائمة بنسبة استخدام تبلغ 49% و47% على التوالي، تليهما “إنستغرام” (32%)، و”واتساب” (30%)، و”تيك توك” (24%), كما يشهد “تليغرام” صعودا متزايدا. هذا التحول الرقمي السريع، في ظل ضعف الثقة بالمصادر التقليدية، يجعل المغاربة أكثر عرضة للأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة المنتشرة بكثافة عبر الشبكات.
وقد عبر 54% من المستطلعين عن قلقهم من صعوبة التمييز بين الأخبار الحقيقية والزائفة على الإنترنت. ويعتبر 52% منهم أن “المؤثرين” هم المصدر الأول للمعلومات المضللة، يليهم السياسيون (30%) ثم وسائل الإعلام ذاتها (28%)، وهذا ما يضع الصحافة أمام تحدي مزدوج; وهو استعادة ثقة الجمهور من جهة، والتصدي لمصادر التضليل المنافسة من جهة أخرى.
وفيما تستمر الصحافة المطبوعة في التراجع منذ جائحة كوفيد-19، فإنها باتت تعتمد بشكل متزايد على دعم حكومي مشروط، ما يثير تساؤلات حول استقلاليتها وقدرتها على البقاء في مشهد إعلامي يتجه بسرعة نحو الرقمنة. ومع استمرار استهلاك التلفزيون والصحافة المطبوعة لدى الفئات الأكبر سنا، يتعمق الانقسام بين أجيال تعتمد على الوسائط الكلاسيكية وأخرى تعيش بالكامل في بيئة رقمية.
ويؤكد تقرير رويترز أن التحولات التقنية لا تعني بالضرورة نهاية الصحافة، بل تستدعي إعادة تعريفها وتكييفها مع المعطيات الجديدة. وبينما يبدأ الشباب باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي كمصادر للأخبار مثل “Chatgpt” تبقى الصحافة البشرية، بجودة تحريرها ومصداقيتها، مطلوبة بشدة. ويبقى الرهان الحقيقي للمؤسسات الإعلامية في المغرب، كما في العالم، هو كيفية التوفيق بين مواكبة التطور الرقمي والحفاظ على جوهر الرسالة الصحافية التي تتجلى في نقل الحقيقة وخدمة الصالح العام.