تعيش أسواق الجملة بالمغرب حالة من الركود غير المسبوق، بعد القرار الذي قضى بإلغاء شعيرة الأضحية لهذا العام حفاظًا على الثروة الحيوانية، في ظل استمرار الجفاف. ورغم وجاهة القرار من حيث المصلحة العامة، إلا أن تداعياته الاقتصادية كانت ثقيلة على العديد من التجار، خاصة أولئك الذين يراهنون على موسم عيد الأضحى لتحقيق نسبة كبيرة من رقم معاملاتهم السنوي.
القطاعات الأكثر تضررًا شملت تجارة التوابل والفواكه الجافة والبقوليات، حيث سُجلت حالة من الجمود في السوق، رافقها تراجع حاد في الأسعار وصل إلى مستويات تهدد رأس مال التجار أنفسهم. ويؤكد المهنيون أن التجارة بالجملة، رغم هوامشها الربحية المحدودة، تصبح شديدة الهشاشة حين يتعرض السوق لاختلال مفاجئ في التوازن بين العرض والطلب.
تشير المعطيات إلى أن غالبية التوابل تُستورد من الهند، فيما تُستورد البقوليات ومنتجات كالمسكّة والزنجبيل من مصر. وقد أدّى الاستيراد المسبق لهذه البضائع قبل قرار الإلغاء إلى خسائر مباشرة، بلغت ما بين 3 و20 درهمًا للكيلوغرام، بحسب نوعية المنتج وجودته. وتُعتبر هذه الخسائر ضربًا لرأس المال، لا مجرد تراجع في الأرباح.
الوضع ليس أفضل في قطاع الفواكه الجافة، حيث هوت أسعار البرقوق الممتاز من 60 إلى 40 درهمًا، والمشمش الجاف شهد بدوره انخفاضًا بلغ 50 درهمًا للكيلوغرام. ويرى التجار أن هذه الفترة، التي تمثل ذروة الموسم السنوي، باتت تُهدد بمخزونات راكدة وصلاحيات محدودة لا تتجاوز بضعة أشهر، ما يعمّق حجم الخسائر المتوقعة.
ورغم هذه الصعوبات، يتقاطع الموقف العام للمهنيين حول أهمية القرار في ظل السياق الاقتصادي المتأزم، باعتباره إجراءً ضرورياً لضبط الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين. وبين المصلحة العامة والخسائر الفردية، يبقى الأمل معقودًا على حلول استثنائية تخفف من وطأة هذه المرحلة الحرجة.