مراكش تُلهم العالم بمشروع M Avenue وتحوله إلى علامة إفريقية

في قلب مدينة مراكش، بعيدًا عن صخب المدينة العتيقة، يبرز مشروع “M Avenue” كأحد أبرز المعالم الحديثة التي تجمع بين التسوق والثقافة والترفيه. هذا الفضاء الذي افتُتح في ديسمبر 2021، لا يقتصر على المحلات التجارية العالمية والمطاعم الراقية فحسب، بل يضم أيضًا مركزًا ثقافيًا “Meydène” يقدم عروضًا غامرة عن مراكش الحقيقية والخيالية، إضافة إلى مسرح يتسع لـ400 مقعد ومطعم “الدوار” المتخصص في المطبخ المغربي. إلى جانب ذلك، أصبحت العيادة الطبية والتجميلية “M Clinic” جزءًا من الهوية المتكاملة للمكان، مما يضع المشروع في مصاف الوجهات العالمية متعددة الأبعاد.

صاحب الفكرة، رجل الأعمال والمهندس المدني المغربي نبيل سليطين، أراد أن يتجاوز فكرة إنشاء امتداد لفندق “فور سيزونز” ليبني مشروعًا شاملاً يصفه بـ”خلق وجهات جديدة”. استثمر في الفكرة أكثر من مليار درهم مغربي، أي ما يعادل نحو 100 مليون يورو، ليمنح مراكش وجهة حديثة توازي المدن العالمية، وتستجيب لتطلعات المقيمين والسياح على حد سواء. المشروع لم يكتفِ بمساحات التسوق، بل أضاف فضاءات مخصصة للأعمال والتقنيات الرقمية بدلًا من حاضنة الشركات الناشئة التي كانت ضمن المخطط الأولي.

نجاح التجربة في مراكش انعكس على أرقام الزوار التي بلغت 5 ملايين سنويًا، وجعلت “M Avenue” نموذجًا يُحتذى به خارج المغرب. فقد بدأ العمل فعليًا على نسخة جديدة في لومي بتوغو، يتوقع افتتاحها في مطلع 2028، على أن تتبعها نسخة أخرى في أبيدجان بساحل العاج. كما تشهد المدينة الإيفوارية مشروعًا آخر يتمثل في برج ضخم من 40 طابقًا سيحتضن أول فندق “فور سيزونز” في غرب إفريقيا. وفي الغابون، يجري التخطيط لبرج مماثل ضمن مشروع “خليج الملوك”، ليحمل روح “M Avenue” لكن بتصميم عمودي يراعي خصوصيات الطقس والمساحات المتاحة.

ورغم تشابه الفلسفة العامة للمشاريع، يصرّ سليطين على أن كل نسخة يجب أن تراعي خصوصياتها المحلية، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الثقافي أو الحضري. فوجود العيادات الطبية أو المراكز الثقافية ليس شرطًا موحدًا، بل يخضع لاحتياجات كل مدينة. لكنه في المقابل يتمسك بضرورة أن تحافظ المطاعم الراقية على حضورها، معتبرًا إياها “مكونًا أساسيًا لخلق وجهة نابضة بالحياة”، وهو ما تجسده علامة “Gourmet Collection” التي تضم مطاعم عالمية مثل “أكيرا باك” و”تورو تورو” إلى جانب “الدوار” المغربي.

بهذا التصور، لا يبدو أن “M Avenue” سيظل حكرًا على مراكش، بل يتحول تدريجيًا إلى علامة إفريقية عابرة للحدود، تحمل في جوهرها توازنًا بين الثقافة والرفاهية والاستثمار. ومن خلال مشاريع تمتد بين شمال القارة وغربها، يسعى نبيل سليطين إلى جعل فكرته أيقونة حضرية تضع المدن الإفريقية على خريطة الوجهات السياحية العالمية، مع الحفاظ على بصمة محلية في كل مشروع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

هل تتحكم معدتك في صحتك النفسية؟ دراسة تكشف الرابط الخفي بين الأمعاء والدماغ

المنشور التالي

المغرب يخلد الذكرى الـ72 لثورة الملك والشعب: تجديد للعهد واستلهام لقيم الوحدة

المقالات ذات الصلة