يعزز ميناء لومي في توغو موقعه كمركز لوجستي إقليمي بارز في غرب إفريقيا، مستفيدًا من بنية تحتية متقدمة ورقمنة شاملة لإجراءاته الجمركية. ويُصنف حاليًا كأول ميناء للحاويات في غرب القارة، والثاني من حيث نشاط الترانزيت في إفريقيا جنوب الصحراء بعد دوربان. وقد سجل الميناء خلال 2023 رقماً قياسياً في حجم البضائع المُعالجة تجاوز 30 مليون طن، ما مكنه من تحقيق إيرادات تفوق 40 مليار فرنك إفريقي، أي ما يعادل أكثر من 60% من ميزانية الدولة التوغولية.
ويعتمد ميناء لومي بشكل كبير على حركة “الترانزيت” نحو دول الساحل، إذ لا تتجاوز حصة السوق المحلية 6% من نشاطه. ويُعد بوابة رئيسية لبوركينا فاسو، حيث تمر عبره 45% من وارداتها البحرية، متفوقًا على ميناء أبيدجان. كما يعكس استقبال سفينة MSC Diletta العملاقة طموح الميناء في تعزيز موقعه الجيو-اقتصادي، وقد وصفته السلطات بـ”نقلة استراتيجية”.
غير أن ميناء تيما في غانا لا يتراجع، إذ ضخ تحالف Meridian Port Services أكثر من مليار دولار في مشروع توسعة يهدف إلى رفع الطاقة الاستيعابية إلى 3.7 ملايين حاوية سنويًا بحلول نهاية 2025. رغم أن حجم الحاويات المعالجة لا يزال دون طموحاته (120 ألف حاوية في السنة)، إلا أن الواردات عبر تيما نحو بوركينا فاسو ارتفعت بنسبة 14% سنة 2023 لتصل إلى حوالي 970 ألف طن، في مؤشر على تصاعد التنافس.
ومنذ عقد من الزمن، تضاعفت ثلاث مرات كميات البضائع التي تدخل إلى الساحل عبر الطرق البرية القادمة من غانا، لتصل إلى 1.3 مليون طن، مقابل أكثر من 3 ملايين طن تمر عبر توغو. وفي ظل سعي الأنظمة العسكرية في دول “تحالف الساحل” لتنويع خطوط الإمداد وضمان الأمن اللوجستي، تتوسع الخيارات الاستراتيجية أمام هذه الدول. واليوم، تُشكل الصادرات البوركينية عبر توغو 19.1% مقابل 11.7% نحو غانا، غير أن هذه المعادلة قد تتغير. إذ لم يعد الأمر مجرد منافسة بين ميناءين، بل هو سباق لإعادة رسم خارطة النفوذ الاقتصادي في محور الساحل – خليج غينيا، حيث يمكن لكل رصيف أو اتفاق ثنائي أن يُرجح الكفة.
