تعليق البطولة الوطنية لكرة السلة.. قرار اضطراري أم دليل إضافي على فشل التدبير؟

في سابقة تعكس عمق الأزمة التي باتت تعيشها كرة السلة المغربية، أقدمت اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون الجامعة الملكية لكرة السلة على تعليق البطولة الوطنية بمختلف أقسامها، ابتداء من 21 أبريل الجاري، مبرّرة قرارها بوجود “ظروف استثنائية” فرضت التوقّف المؤقت إلى حين إعادة ترتيب الأوراق.

لكن خلف هذا القرار “الاضطراري” تكمن أسئلة كبرى حول مدى أهلية اللجنة الحالية لإدارة المرحلة، وجدوى وجودها أصلاً في ظل تزايد مؤشرات الارتباك، وغياب الحد الأدنى من مقومات التسيير الرياضي السليم. فالبلاغ يقر صراحةً بتدهور غير مسبوق في ظروف التباري، بدءًا من تصاعد حدة التوترات داخل الملاعب، مرورًا بكثرة الإصابات بسبب ضعف البرمجة، وصولًا إلى انسحاب فرق كاملة من المنافسات.

عطب هيكلي لا ظرف عابر

الحديث عن “توقف مؤقت” لا ينفي أن ما يحصل اليوم هو نتيجة تراكمات متتالية لسوء التدبير، وتغييب الرؤية الاستراتيجية منذ سنوات. فالأزمات التي أشار إليها البلاغ ليست جديدة، بل تتكرر موسمًا بعد آخر دون حلول جذرية. فمن يتحمّل مسؤولية تنظيم بطولة وطنية تصل إلى درجة الانهيار؟ وكيف تُترك الأندية وحدها تواجه اختلالات التحكيم وسوء البرمجة وقلة الإمكانيات دون تفاعل جدي من الجامعة؟

اللجان المؤقتة… حلول مؤقتة لأزمات دائمة

من المفارقات اللافتة أن الجامعة تدار منذ مدة بلجنة مؤقتة، في ظل غياب مكتب منتخب، وهو ما يفتح الباب أمام الارتجال، ويغلقه أمام المساءلة والمحاسبة. والنتيجة أن كرة السلة الوطنية تتحول سنة بعد أخرى إلى قطاع منكوب، يشهد عزوف الجمهور، وتراجع التكوين، وهروب المستثمرين، في غياب قيادة قادرة على إعادة الثقة في اللعبة.

من التجميل إلى الاعتراف بالفشل

بلاغ الجامعة يحاول التغطية على عمق الأزمة بخطاب مسؤول يحرص على “مصلحة اللاعبين والأندية”، لكن الملاحظين يرون في هذا التبرير محاولة لتجميل قرار فرضه فشل متراكم في التسيير. وإذا كانت نية الجامعة هي إنقاذ ما يمكن إنقاذه، فالأجدر بها أن تعلن عن جدول زمني واضح لإجراء انتخابات شفافة، تعيد الشرعية للمؤسسات، وتضع حدًا لحالة “الوصاية التقنية” التي لم تنتج سوى مزيد من الأعطاب.

ما تعيشه كرة السلة المغربية اليوم ليس مجرد أزمة لحظة، بل نتيجة واضحة لفقدان البوصلة. وإذا لم تتحرك الجهات الوصية وعلى رأسها وزارة الشباب والرياضة لتدارك هذا الانهيار، فإن خطر التهميش الكامل لهذا القطاع الرياضي سيصبح واقعًا لا مفر منه. المطلوب اليوم ليس تعليق المنافسات فحسب، بل تعليق منطق التسيير الارتجالي الذي جر اللعبة إلى الحضيض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

بين الدبلوماسية والمقايضة: المغرب يربح بالنضج والجزائر تساوم بالثروات

المنشور التالي

220 مليار درهم: المغرب يطلق أكبر خطة استثمارية لتعزيز الكهرباء والماء

المقالات ذات الصلة