في تطور خطير ينذر بتصعيد التوترات بين فرنسا والجزائر، كشفت صحيفة “لوباريزيان” الفرنسية عن محاولة اغتيال استهدفت المعارض الجزائري أمير ديزاد، المعروف بانتقاداته اللاذعة للنظام الجزائري من مقر إقامته في باريس. الحادثة وقعت في 29 أبريل 2024، حين تعرّض ديزاد لمحاولة اختطاف نفذها رجلان تظاهرا بأنهما من رجال الشرطة الفرنسية. أبلغه المهاجمان بأنه سيتم نقله إلى أمستردام للقاء مسؤول جزائري، ثم قاما بتخديره، قبل أن يُعثر عليه لاحقاً مرمياً في إحدى الغابات، في واقعة تحمل دلالات على محاولة تصفيته الجسدية أو تهريبه القسري إلى الجزائر، حيث يواجه تهماً قد تصل عقوبتها إلى الإعدام.
التحقيقات التي باشرتها السلطات الفرنسية أدت إلى توقيف أربعة أشخاص في 8 أبريل 2024، يُشتبه في ضلوعهم في التخطيط والتنفيذ للعملية. وأفادت مصادر قريبة من التحقيق أن أحد الموقوفين تلقى أوامر مباشرة من موظف في القنصلية الجزائرية بفرنسا، يُعتقد أنه ضابط تابع لجهاز الاستخبارات الجزائرية. هذا المعطى الخطير يعزز فرضية تورط رسمي مباشر في العملية، ما يضع السلطات الجزائرية في موقف حرج أمام المجتمع الدولي.
القضية تأتي في سياق علاقات متوترة أصلاً بين باريس والجزائر، إذ شهدت الأشهر الماضية عدة توترات أبرزها اعتقال الكاتب بوعلام صنصال داخل الجزائر، ورفض السلطات الجزائرية استقبال عدد من المرحّلين من الأراضي الفرنسية. وتُهدد هذه الاتهامات، إن ثبتت، بتفجير أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين البلدين، قد تشمل استدعاء السفراء، تجميد اتفاقيات التعاون الأمني، وتعليق الاتصالات الرسمية على مستويات متعددة.
إن محاولة استهداف معارض سياسي على الأراضي الفرنسية لا تمثل فقط خرقاً سافراً للسيادة الفرنسية، بل تكشف أيضاً عن طبيعة النظام الجزائري الذي يبدو مستعداً لاستخدام أدوات العنف والترهيب خارج حدوده من أجل إسكات الأصوات الحرة. نظامٌ لا يتورع عن ملاحقة معارضيه في المنفى، ويُظهر يوماً بعد يوم هشاشته أمام الكلمة، وخوفه المزمن من الحقيقة. وإذا لم يُواجه هذا السلوك بردٍ حازم، فإن صمت المجتمع الدولي سيُشجّع على مزيد من الانتهاكات العابرة للحدود باسم “أمن الدولة”، في حين أن ما يُراد تأمينه فعلاً هو بقاء سلطة تخشى من أبسط مظاهر المعارضة.