بوركينا فاسو هي دولة غير ساحلية تقع في غرب إفريقيا، محاطة بعدة دول منها مالي والنيجر وساحل العاج. عاصمتها واغادوغو، وتعتبر من الدول الفقيرة نسبيًا رغم غناها بالتنوع الثقافي والسكاني. يبلغ عدد سكانها أكثر من 22 مليون نسمة، وتضم أكثر من 60 مجموعة عرقية مختلفة، أبرزها شعب الموسي الذي يشكل الأغلبية. اللغة الرسمية هي الفرنسية، لكن هناك العديد من اللغات المحلية التي يتحدث بها السكان في حياتهم اليومية.
منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960، مرت بوركينا فاسو بسلسلة من الاضطرابات السياسية والانقلابات، إذ لم تنعم البلاد باستقرار طويل الأمد. من أبرز فتراتها السياسية عهد الرئيس الثوري توماس سانكارا الذي حاول تغيير وجه البلاد في الثمانينات، قبل أن يُغتال في انقلاب عام 1987. في السنوات الأخيرة، خاصة منذ 2015، دخلت البلاد في دوامة من التوترات الأمنية بسبب الهجمات المتكررة من الجماعات المسلحة، مما أدى إلى تراجع كبير في مؤسسات الدولة وتصاعد في عدم الثقة بين السكان والنظام السياسي.
يعتمد اقتصاد بوركينا فاسو على الزراعة كمصدر رئيسي للتوظيف، رغم أن هذا القطاع لا يزال يعاني من ضعف البنية التحتية وتقلبات المناخ. كما يعتمد الاقتصاد بشكل كبير على تصدير الذهب، الذي أصبح في السنوات الأخيرة المصدر الأول للعملة الصعبة. يُعرف القطن محليًا بـ”الذهب الأبيض”، ويُعد كذلك من ركائز الاقتصاد الوطني. إلا أن معدلات الفقر ما تزال مرتفعة، ويعاني السكان من نقص الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والمياه النظيفة.
تُعد الأوضاع الأمنية من أكبر التحديات التي تواجه البلاد حاليًا. الجماعات الجهادية المسلحة، المرتبطة بالقاعدة وداعش، نفذت عشرات العمليات التي استهدفت مدنيين وعسكريين على حد سواء. هذه الهجمات أدت إلى تهجير مئات الآلاف من السكان، وتوقفت فيها خدمات التعليم والصحة في مناطق واسعة من شمال وشرق البلاد. وتجد السلطات صعوبة متزايدة في بسط سيطرتها على كامل الأراضي الوطنية.
في السنوات الأخيرة، خصوصًا بعد الانقلابات المتكررة، بدأت بوركينا فاسو تعيد ترتيب تحالفاتها الدولية. فمع تصاعد الانتقادات الشعبية للدور الفرنسي في البلاد، تحولت الأنظار نحو دول أخرى مثل روسيا، وبدأت السلطات العسكرية تعزز علاقاتها بها. كما أنشأت مع مالي والنيجر تحالفًا إقليميًا جديدًا لمواجهة التهديدات الأمنية ومحاولة صياغة سياسات مستقلة عن الإملاءات الغربية.
رغم كل هذه التحديات، فإن بوركينا فاسو لا تزال دولة تنبض بالحياة والطموح، خاصة مع قوة الشباب الذين يشكلون النسبة الأكبر من السكان. الأمل في مستقبل مستقر وديمقراطي لا يزال قائمًا، شرط أن تتمكن القيادة من الموازنة بين الأمن وحقوق الإنسان، وتحقيق تنمية اقتصادية شاملة تعود بالنفع على جميع أبناء الوطن.