وردة الجزائرية، واحدة من أيقونات الغناء العربي، وُلدت في فرنسا عام 1939 لأب جزائري وأم لبنانية، ونشأت في بيئة فنية جعلت الموسيقى جزءًا من حياتها منذ الصغر. بدأت الغناء في سن مبكرة في باريس، حيث كانت تقدم الأغاني الطربية في مطعم يملكه والدها، وسرعان ما لفتت الأنظار بجمال صوتها وقوة أدائها، مما مهد لانطلاقتها الكبرى في العالم العربي.
انتقلت وردة إلى لبنان ثم إلى مصر، وهناك بدأت مرحلة جديدة من مسيرتها الغنائية. لحن لها كبار الملحنين مثل محمد عبد الوهاب، بليغ حمدي، وسيد مكاوي، وقدّمت أغاني أصبحت من كلاسيكيات الطرب العربي مثل “أوقاتي بتحلو”، “بتونس بيك”، و”في يوم وليلة”. امتازت وردة بصوت قوي مليء بالإحساس، وقدرة على أداء الأغاني الرومانسية والوطنية بنفس القوة والتأثير.
وردة لم تكن فقط مطربة، بل أصبحت رمزًا وطنيًا وثقافيًا في الجزائر ومصر والعالم العربي. شاركت في أعمال وطنية دعمت بها قضايا بلادها، وأحيت حفلات في جميع أنحاء العالم العربي، حاملة معها رسالة فنية وإنسانية. كما ظهرت في عدد من الأفلام المصرية التي أضافت إلى شعبيتها، مثل “ألمظ وعبده الحامولي” و”صوت الحب”.
مرت وردة بمحطات إنسانية صعبة، منها فترات اعتزال عن الفن بسبب ظروف سياسية أو شخصية، لكنها كانت تعود دائمًا بكل قوة، وتثبت أنها لا تزال قادرة على تقديم الفن الراقي. عُرفت بعفويتها وصدقها في الغناء، وكان جمهورها يشعر أنها تغني من القلب إلى القلب، ولهذا ظلّت محبوبة حتى آخر أيامها.
رحلت وردة في عام 2012، لكنها تركت إرثًا فنيًا خالدًا، وصوتًا لا يُنسى في ذاكرة الطرب العربي. تُعتبر اليوم واحدة من نجمات العصر الذهبي، وفنانة استطاعت أن تُخلّد اسمها بأغاني الحب والوطن، وتبقى حاضرة في قلوب عشاق الفن الأصيل من جيل إلى جيل.