شهدت العلاقات التجارية الزراعية بين المغرب وروسيا تطورا ملحوظا خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024، إذ ارتفعت وتيرة الصادرات الروسية نحو المملكة بشكل غير مسبوق، لتتجاوز 660 ألف طن من المنتجات الزراعية والغذائية بقيمة فاقت 147 مليون دولار أمريكي، أي ما يعادل نحو 1.46 مليار درهم مغربي، وفق بيانات المركز الفيدرالي الروسي للتصدير الزراعي.
ويؤكد هذا الأداء القوي التحول الهيكلي الذي بدأ يبرز منذ العام الماضي، حين بلغت قيمة الصادرات الروسية إلى المغرب حوالي 280 مليون دولار، متجاوزة للمرة الأولى حجم الواردات المغربية إلى روسيا التي قدرت بنحو 182 مليون دولار. واعتبر محللو المركز أن هذا التغيير يمثل “تحولا نوعيا” في الميزان التجاري الزراعي الثنائي، بعدما كانت روسيا لسنوات طويلة مستوردا صافيا للمنتجات الفلاحية المغربية.
ويرتبط هذا التغير أساسا بالارتفاع الكبير في صادرات الحبوب ومنتجات الزيوت النباتية الروسية إلى السوق المغربي، التي أصبحت تشكل جزءا مهما من واردات المملكة. ويأتي ذلك في سياق توسع موسكو المتزايد في الأسواق الإفريقية، حيث بلغت قيمة صادراتها الزراعية إلى القارة 2.1 مليار دولار بين يناير ويونيو 2024، مقابل 7.9 مليون طن من السلع، ما يعكس طموح روسيا لتعزيز حضورها الاقتصادي في إفريقيا من بوابة الأمن الغذائي.
ومع دخول موسم الحصاد الروسي ذروته هذا العام، تتوقع التقارير المتخصصة أن ترتفع الشحنات الموجهة إلى المغرب والدول الإفريقية خلال النصف الثاني من 2024، خصوصا مع توسع الطلب الإفريقي على منتجات روسية جديدة تشمل الأسماك، ولحوم الدواجن، وأعلاف الماشية، والعدس، والنقانق، والحلويات، إلى جانب الحبوب التي تظل العمود الفقري للتبادل الزراعي.
في المقابل، تستورد روسيا من إفريقيا ما قيمته 1.9 مليار دولار من السلع الزراعية، تشمل خصوصاً البطاطس والكاكاو والحمضيات والقهوة والعنب والشاي، مما يعكس توازنا جديدا في العلاقات الفلاحية بين الجانبين. ويبرز المغرب في هذا السياق كمنفذ مفضل لصادرات القمح والزيوت الروسية، مع حفاظه على مكانته كمصدر رئيسي للفواكه والمنتجات البستانية إلى السوق الروسي، في مشهد يعيد رسم ملامح التعاون الغذائي بين البلدين ضمن الدينامية الأوسع للعلاقات الروسية الإفريقية.
