تستعد السلطة الانتقالية في سوريا لتشكيل أول برلمان بعد الإطاحة بحكم بشار الأسد، في خطوة وُصفت بالمفصلية ضمن مسار إعادة بناء مؤسسات الدولة، لكنها أثارت في الوقت نفسه جدلاً واسعاً حول مدى ديمقراطيتها. فبحسب الإعلان الدستوري الصادر عن الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، سيُشكَّل المجلس الجديد، الذي تمتد ولايته ثلاثين شهراً قابلة للتجديد، عبر آلية انتخاب غير مباشرة تُتيح للرئيس تعيين ثلث أعضائه البالغ عددهم 210، فيما يتم اختيار الثلثين الآخرين من قبل هيئات مناطقية شكلتها لجنة عليا معينة من قِبله، في ظل استبعاد ثلاث محافظات لأسباب وُصفت بـ”الأمنية”.
ويشارك في العملية 1578 مرشحاً، بينهم نسبة متواضعة من النساء لا تتجاوز 14 في المئة، إضافة إلى مشاركة لافتة للمرشح السوري الأميركي هنري حمرا، نجل آخر حاخام يهودي غادر سوريا في التسعينات، ليصبح أول مرشح من الطائفة اليهودية منذ نحو سبعين عاماً. ومع ذلك، يرى كثير من السوريين أن هذه الخطوة تفتقر إلى الشفافية والتمثيل الحقيقي. ويعبّر البعض عن دعمهم المشروط للنظام الجديد مع انتقادهم لطريقة تشكيل البرلمان، كما قال لؤي العرفي، المتقاعد من وزارة العدل، الذي وصف العملية بأنها “ليست انتخابات حقيقية بل إجراء مؤقت تفرضه المرحلة الانتقالية”.
من جهته، دافع الرئيس أحمد الشرع عن الآلية المعتمدة، مؤكداً أنها خيار واقعي في ظل الظروف الأمنية والسياسية الراهنة، وأن البلاد “غير مهيأة بعد لإجراء انتخابات مباشرة”. وأوضح أن الخطوة مؤقتة حتى تتوفر البيئة الملائمة لمشاركة جميع السوريين، مشيراً إلى التحديات المتعلقة بفقدان الوثائق الرسمية ونزوح أعداد كبيرة من المواطنين إلى الخارج. وبين طموح بناء مؤسسات جديدة وواقع الانقسام والاضطراب، يقف السوريون اليوم أمام مرحلة دقيقة تحدد شكل مستقبل بلادهم بعد أكثر من عقد من الصراع.