التحالف الحكومي بين نيران المحاسبة وسباق الانتخابات

التاريخ في السياسة المغربية يملك خاصية غريبة: فهو يعيد نفسه كلما اقتربت لحظة الامتحان الانتخابي. اليوم، ورغم محاولة رئيس الحكومة تمرير رسائل التهدئة والتفاؤل في خرجته التواصلية الأخيرة، فإن حزبه الذي يقود التحالف سيجد نفسه معزولاً في مواجهة مدافع المحاسبة. لا أحد من شركائه في الأغلبية سيغامر بالدفاع عنه بشراسة، لأن الحسابات الانتخابية باتت هي البوصلة، ولأن الدخول السياسي هذه المرة ليس سوى مقدمة صريحة لسباق انتخابي محتدم.

المشهد مرشح لأن يتحول إلى حلبة تراشق، حيث سيتنافس كل حزب على إظهار مسافة عن الحزب الذي يقود التحالف، وعلى تقديم نفسه كخيار بديل أو كقوة تصحيحية. ومن جهتها ستقوم المعارضة بتقويض شرعية الحكومة، وأحزاب الأغلبية ستعمل على تبييض صورتها أمام الناخبين، وكأنها في موقع الضحية لا الشريك.

لكن، خلف هذه المعارك الصغيرة، ثمة حقيقة أكبر: المشاريع الاستراتيجية الكبرى في المغرب لا تنتظر لا انسجام الحكومة ولا صراعاتها الداخلية. هذه الأوراش تسير بإيقاع مضبوط، محصنة من التجاذبات الحزبية، لأنها جزء من رؤية عليا تتجاوز الحسابات الظرفية. هنا يكمن التناقض الصارخ: بينما تسير البلاد في مسار استراتيجي واضح، تبدو الحكومة غارقة في معارك سياسية جانبية، تستهلك طاقتها في الدفاع والهجوم، بدل الانكباب على إنتاج حلول عملية.

إن الدخول السياسي المقبل لن يكون اختباراً لمدى قدرة الحكومة على تنفيذ وعودها فقط، بل سيكون محكاً لمصداقية الأحزاب مجتمعة، في أعين مواطن يزداد تشككاً في جدوى العملية السياسية. فهل ستستوعب النخب الحزبية أن الاستمرار في لعبة تبادل الاتهامات لا يفضي إلا إلى مزيد من فقدان الثقة؟ أم أن منطق الانتخابات سيظل أقوى من منطق المسؤولية؟

1 comment
  1. سيسجل التاريخ أن حكومة أخنوش هي الحكومة الأضعفةفي تاريخ المغرب منذ الاستقلال رغم توفرها على هامش مناورة سياسية أكبر ،مقارنة مع الدساتير السابقة،ورغم احتكارها للمواقع التدبيرية في الجماعات الترابية من جهات وعمالات ومجالس ترابية محلية. لكن المدبرين ضعاف ولا علاقة لهم بالتدبير ويخسن ن فقط اقتسام الكعكة على الاقارب سياسسا وعائليا.
    سيشهد التاريخ ان هذه الحكومة ضغيفة تواصليا،وخير شاهد عدم قدرة رئيسها على التواصل بصدق واقناع المواطن بما يقول.
    كما سيشهد التاريخ ان وعوده الوردية ما هي الا واجهة للاستغلال الانتخابي البشع للناخبين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

الماتشا.. مشروب صحي أم مجرد موضة على السوشال ميديا؟

المنشور التالي

المغرب والذكاء الاصطناعي.. بنية تحتية وتحديات التمويل

المقالات ذات الصلة