في خطوة علمية تسلط الضوء على أهمية استغلال المخلفات الزراعية، كشفت دراسة مغربية حديثة عن قدرة بقايا الزعفران على التحول إلى مضادات ميكروبات طبيعية فعالة وصديقة للبيئة.
ونشرت هذه الدراسة في مجلة “Scientific Reports” بمشاركة أربعة عشر باحثا مغربيا تم التركيز فيها على استخدام الأعناق والأوراق والبتلات من بقايا الزعفران كمصادر لمركبات بيولوجية نشطة، حيث طبقوا تصميم المزائج التجريبية لتحديد التركيبة المثلى.
وأظهرت النتائج أن مزيجا يتكون من 34% أعناق، و30% أوراق، و36% بتلات يتمتع بفعالية قوية ضد بكتيريا وفطريات مثل المكورات العنقودية الذهبية، الإشريكية القولونية، المبيضة البيضاء، وفطر الجيوتريشوم، مع تركيز مثبط منخفض يصل إلى 6.25 ملغ/مل.
وتتميز هذه المستخلصات بالحفاظ على لونها الطبيعي ما يسمح باستخدامها في الأغذية والمستحضرات الصيدلانية دون التأثير على جودتها الجمالية. ويفتح هذا الاكتشاف آفاقا واسعة لتطبيقات تشمل حفظ الأغذية عبر التعبئة النشطة، وإنتاج مستحضرات طبية موضعية، فضلا عن تعزيز الزراعة المستدامة ببدائل طبيعية للمواد الكيميائية.
ومن الناحية الاقتصادية، تبرز الدراسة أهمية الاستفادة من المخلفات الزراعية، حيث ينتج كل كيلوغرام من الزعفران حوالي 63 كيلوغراما من البقايا، مما يجعل استغلالها خيارا مربحا وصديقا للبيئة. وأكد الباحثون أن التكلفة تقل بنسبة تتراوح بين 40 و60% مقارنة بالمستخلصات النباتية التقليدية، في إطار مبادئ الاقتصاد الدائري.
كما دعت الدراسة إلى المزيد من الأبحاث لتطوير التصنيع الصناعي، وإجراء تجارب تطبيقية على الكائنات الحية، وفهم آليات التأثير بدقة باستخدام تقنيات تحليل متقدمة مثل التحليل الطيفي بالأشعة تحت الحمراء، والكروماتوغرافيا السائلة المقترنة بالكتلة، والرنين المغناطيسي النووي.
وفي الختام، تبرز هذه الدراسة أهمية الابتكار العلمي في تحويل المخلفات الزراعية من عبء بيئي إلى فرصة اقتصادية وصحية، مع تحقيق توازن بين الاستدامة البيئية والفعالية الصحية. كما تؤكد النتائج على مستقبل مبني على الحلول الدائرية والتكنولوجيا الخضراء في الصناعات الحيوية، بما يعزز الصحة العامة ويحافظ على البيئة.
