في خطوة استراتيجية تعزز توجه المغرب نحو الطاقات النظيفة، فازت شركة سعودية متخصصة في الطاقة المتجددة بعقد تطوير أول مشروع لتخزين كهرباء الطاقة الشمسية في المملكة، وذلك عقب فوزها بمناقصة دولية أطلقتها الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن) لتنفيذ مشروعي “نور ميدلت 2” و”نور ميدلت 3”. ويشكل هذا التطور قفزة نوعية في مسار المغرب لتحقيق أهدافه البيئية، ولا سيما رفع حصة الكهرباء النظيفة إلى 52% من المزيج الطاقي الوطني بحلول عام 2030.
ويتضمن المشروعان الضخمان، اللذان يندرجان ضمن مجمع “نور ميدلت” للطاقة الشمسية، إنشاء محطتين للطاقة الشمسية الكهروضوئية بطاقة إنتاجية تصل إلى 400 ميغاواط لكل محطة، إلى جانب منظومة متقدمة لتخزين الكهرباء باستخدام البطاريات، بسعة إجمالية تبلغ 602 ميغاواط/ساعة. وقد صمم النظام لتوفير 230 ميغاواط/ساعة من الكهرباء خلال ساعات الذروة ولمدة ساعتين، ما من شأنه تعزيز استقرار الشبكة الكهربائية الوطنية ودعم مرونتها التشغيلية.
ويجري تطوير المشروع وفق نموذج “البناء والتملك والتشغيل” (BOO)، حيث من المقرر توقيع اتفاقية لشراء الكهرباء المنتجة تمتد لـ30 عاما بين الشركة السعودية الفائزة والوكالة المغربية للطاقة المستدامة. ولا تقتصر أهمية المشروع على الجوانب التقنية، بل تشمل أيضا أبعادا بيئية واقتصادية بارزة، حيث يُتوقع أن يسهم في تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 1.2 مليون طن سنوياً، ما يعزز جهود المغرب في التصدي للتغير المناخي.
ويمثل مشروعا “نور ميدلت 2 و3” مرحلة مفصلية ضمن استراتيجية المغرب لتحقيق السيادة الطاقية وتقليص الاعتماد على الواردات الأحفورية. وعند اكتمال مجمع “نور ميدلت”، الذي تصل طاقته الإجمالية إلى 1600 ميغاواط، سيصبح أكبر مشروع للطاقة الشمسية في البلاد، باستثمارات تقارب ملياري دولار، متجاوزاً بذلك مشروع “نور ورزازات” الشهير من حيث القدرة والتكلفة والأثر البيئي.
ويذكر أن المرحلة الأولى من المجمع، “نور ميدلت 1”، كانت قد شهدت تأخيرات في التنفيذ بسبب خلافات تقنية بشأن تكنولوجيا الطاقة الشمسية الأنسب، بين خيار الطاقة الشمسية المركزة الذي دافعت عنه الوكالة المغربية، وتقنية الطاقة الكهروضوئية المقترنة بالتخزين التي دعمتها وزارة الطاقة والمكتب الوطني للكهرباء. وقد حُسم هذا الخلاف باعتماد التقنية الثانية، التي أثبتت نجاعتها وكلفتها المنخفضة، لتُعتمد في المراحل الجديدة من المشروع.