انطلقت أمس السبت 19 يوليوز 2025، بالعاصمة الرواندية كيغالي، أشغال ندوة علمية دولية تنظمها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بتعاون مع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في رواندا، تحت عنوان: “القيم الأخلاقية في الإسلام وأثرها في السلم المجتمعي الإفريقي”. وتهدف الندوة إلى تسليط الضوء على دور المنظومة الأخلاقية الإسلامية في مواجهة التحديات التي تعيشها القارة الإفريقية على المستويات الأمنية والاجتماعية والثقافية.
وأكد محمد رفقي، الأمين العام للمؤسسة، في كلمته الافتتاحية، أن القيم الأخلاقية ليست منفصلة عن الواقع الإفريقي، بل ترتبط بشكل مباشر بجميع أبعاده الاجتماعية والإنسانية. وأوضح أن الإسلام، باعتباره مكونًا جوهريًا لهوية الشعوب الإفريقية المسلمة، يقدم نسقًا أخلاقيًا عمليًا يعزز ثقافة التعايش ويحمي المجتمعات من النزاعات والانقسامات. كما شدد على ضرورة اضطلاع العلماء بدورهم في تأطير الشباب وتوجيههم نحو قيم الاعتدال والانفتاح.
من جانبه، أشاد مفتي رواندا ورئيس فرع المؤسسة في البلاد، الشيخ موسى سندايجايا، بأهمية تنظيم هذه الندوة على أرض رواندا، معتبرًا إياها محطة بارزة لتعزيز التعاون الديني والعلمي بين علماء القارة. وذكّر بالدور الريادي لمسلمي رواندا خلال محنة الإبادة الجماعية عام 1994، مؤكدًا أن التزامهم بالقيم الإسلامية ساهم في تجاوز تلك المحنة وتحقيق المصالحة الوطنية، مضيفًا أن السلم المجتمعي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إحياء منظومة القيم الأخلاقية.
وتميزت الجلسة الافتتاحية بحضور شخصيات دبلوماسية ودينية وازنة، من بينها سفير المغرب في رواندا يوسف العماني، إلى جانب المدير المالي للمؤسسة عثمان صقلي حسيني، وثلة من العلماء والمفكرين والقيادات الدينية والسياسية الإفريقية. ويعكس هذا الحضور المتنوع الأهمية التي يوليها المغرب للتعاون الإفريقي في مجال تدبير الشأن الديني، في ظل الرؤية المتبصرة لإمارة المؤمنين كمرجعية دينية موحدة تسهم في حماية الهوية الروحية للقارة.
وتهدف الندوة إلى الخروج بتوصيات عملية لتفعيل القيم الإسلامية في السياسات العمومية والتربوية، بما يعزز التماسك المجتمعي ويحاصر نزعات العنف والتطرف. ويتناول المشاركون مواضيع علمية هامة من قبيل: “الأسس الشرعية والأخلاقية للسلم في الإسلام”، و”القيم الأخلاقية والتماسك الاجتماعي في السياقات الإفريقية”، وسط آمال بأن تسهم هذه النقاشات في صياغة خطاب ديني متجدد، يخدم قضايا السلم والتنمية والوحدة في إفريقيا.