بقلم: رميساء السحنوني
نعيش اليوم في زمن السرعة كل شيء من حولنا يتحرك بوتيرة لا تترك مجالًا للتأمل. نفتح هواتفنا فنُقابل بعناوين مركزة ، صور متحركة، مقاطع قصيرة، وآراء سريعة أصبحنا نستهلك المعلومات كما نستهلك الوجبات السريعة: بسرعة وبلا طعم يُذكر.
أمام هذا الزخم الرقمي أجدني أتساءل: هل ما زال هناك مكان للتفكير العميق؟ هل لا زلنا نملك رفاهية التأمل؟ أم أننا تحولنا إلى كائنات تكتفي بـ”اللمحة” وتخشى الغوص في التفاصيل؟
وسائل التواصل الاجتماعي رغم ما وفرته من حرية وسرعة في الوصول إلا أنها ساهمت -بوعي أو بدون وعي– في خلق ما يمكن تسميته بـ”ثقافة السطح” أصبحنا نميل إلى الاختصار المفرط نبحث عن المعلومة الجاهزة وننفر من كل ما يتطلب منا مجهودًا ذهنيًا أو زمنيًا
بل الأدهى أننا بدأنا نفقد القدرة على التمييز بين الرأي والمعلومة، بين العمق والتكرار
ما يثير الانتباه أكثر هو أن هذه السطحية لم تعد فقط أسلوبًا في الاستهلاك بل أصبحت منهجًا في التفكير نكرر العبارات ذاتها ننسخ المواقف ذاتها ونتداول الأحكام المسبقة ذاتها دون أن نمنح أنفسنا فرصة للتساؤل أو المراجعة. لقد أصبح من السهل أن “نُظهر” الوعي، دون أن نمارسه فعلاً.
لكن، هل نحن ضحايا لهذا التحول؟ أم أننا شاركنا فيه بصمت؟ وهل يمكن للمرء أن يحتفظ بعمقه في زمن السرعة والضجيج؟
ربما لم نعد نحتاج إلى العودة إلى الوراء، ولكننا بحاجة إلى وقفة، إلى لحظة صمت نراجع فيها أنفسنا. العمق ليس ترفًا فكريًا، بل ضرورة إنسانية. التأمل ليس فعلًا نادرًا، بل هو ما يمنح لحياتنا بُعدها الحقيقي.
في ظل هذه السطحية الجديدة، يبدو أن المعركة لم تعد فقط بين السرعة والتأمل، بل بين نموذجَي إنسان:
واحد يُقاد بسهولة عبر خوارزميات وتيارات، وآخر يُقاوم، يفكر، ويعيد تشكيل رأيه باستمرار.
ولأن الإعلام أصبح أداة تأثير لا تقل خطورة عن السياسة، فإن وعينا الفردي لم يعد شأنًا خاصًا، بل مسؤولية جماعية.
فالمعركة اليوم لم تعد فقط مع السرعة، بل مع ما تُنتجه من أفكار جاهزة ومواقف مُعلّبة، نخشى أن تتحول، مع الوقت، إلى وعي زائف يُدار عن بعد.
ربما آن الأوان لنسأل أنفسنا: هل نريد أن نفهم، أم نكتفي بأن نرى فقط؟
المقالات ذات الصلة
بنك المغرب يخفض سعر الفائدة الرئيسي لتحفيز الاقتصاد وسط تحديات البطالة والنمو
بقلم لحسن ككاس: قرر بنك المغرب للمرة الثالثة على التوالي خفض سعر الفائدة الرئيسي في محاولة منه لإنعاش…
حين تتضارب الفتاوى وتضيع البوصلة.. من نصدق؟
عادة ما احرص على اخد الفتوى من شيوخ أنا على ثقة بهم وبعلمهم، ولم أكن أسترسل في البحث…
مغرب الحضارة.. حتى لا تضيع الطبقة الصغيرة والمتوسطة في العالم القروي
بقلم عزيز رباح: وزير سابق ورئيس مبادرة “الوطن أولا ودائما” بعد إعطاء جلالة الملك حفظه الله، في بداية…