في صبيحة العاشر من ذي الحجة تتعالى أصوات التكبير في سماء المدن والقرى المغربية معلنة قدوم عيد الأضحى المبارك, الآلاف من الرجال والنساء والأطفال يتوجهون إلى المصليات والساحات المفتوحة، مرتدين أبهى حللهم التقليدية المغربية ك”الجلابة” و”القندورة” و”البلغة”, لأداء صلاة العيد في مشهد جماعي يفيض روحانية وخشوعا, حيث تنصب السجاجيد وتوفر مكبرات الصوت وينتدب الخطباء لإلقاء خطبة العيد حول معاني الإيمان والتضامن مع دعوات إلى التراحم والتكافل.
لكن عيد الأضحى هذه السنة ليس كسابقيه إذ تغيب عن البيوت المغربية شعيرة الذبح، التي طالما كانت أحد رموز العيد الأساسية, ارتفاع أسعار الأضاحي بشكل غير مسبوق وتزايد التحديات المعيشية، جعلا شريحة واسعة من المواطنين تقبل على العيد بروح معنوية عالية و تخوضه دون أداء شعيرة النحر, تنزيلا للرسالة التي وجهها أمير المؤمنين الملك محمد السادس إلى شعبه و التي أهاب فيها بعدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد.
ومع ذلك سيحافظ المغاربة على الطقوس الروحية الأخرى أبرزها أداء الصلاة وصلة الرحم وتبادل التهاني في أجواء يغلب عليها الإيمان والصبر كما يبقى عيد الأضحى في المغرب عنوانا لثبات القيم، بعيدا عن المظاهر المادية في مشاهد تجسد من جديد قدرة المجتمع المغربي على التأقلم مع المتغيرات دون أن يفقد جوهره الروحي وهويته الثقافية.