دوّى أول عواء للذئب الرهيب منذ أكثر من 10,000 سنة في منشأة أمريكية سرية، إيذانًا بولادة علمية غير مسبوقة. رومولوس “ROMULUS”وريموس “REMUS”، جروان ضخمان يبلغان من العمر ستة أشهر، يمثلان أول كائنين “مُعادين من الانقراض” بفضل جهود شركة Colossal Biosciences المختصة في الهندسة الوراثية. الذئب الرهيب (Dire Wolf) لم يكن يومًا مجرد كائن منقرض، بل أصبح رمزًا ثقافيًا بعد أن ظهر كرفيق مرعب ومخلص في سلسلة Game of Thrones، حيث ارتبط اسمه بعائلة ستارك. واليوم، تحوّلت الأسطورة إلى حقيقة بصوت عواء اخترق جدار الزمن.
تبدأ القصة من حفريتين: سن عمرها 13,000 سنة من أوهايو، وعظمة أذن تعود لـ 72,000 سنة في أيداهو. باستخدام الحمض النووي المستخلص، أعاد علماء “كولوسال” تركيب الجينوم الكامل للذئب الرهيب، ثم أجروا 20 تعديلاً دقيقًا على 14 جينًا في خلايا ذئب رمادي حديث، باستخدام تقنية CRISPR, والنتيجة; ذئب بحجم أكبر، فكّ أقوى، فرو أبيض، وعواء مهيب لم يُسمع منذ آلاف السنين، تمامًا كما تخيله عشاق Game of Thrones وهم يشاهدون “غوست” GHOST” و”نياميريا” NYMERIA تجوبان الشمال.

ولادة رومولوس وريموس في أكتوبر 2024، ثم أختهما (خليسي) “KHALEESI”; المستوحى اسمها من لقب بطلة السلسلة “لعبة العروش”, في يناير 2025، لم تكن مجرد تجربة مخبرية، بل إعلان عن عهد علمي جديد. الجراء تعيش داخل منشأة تخضع فيها لمراقبة دقيقة دون تواصل مباشر مع البشر، ما يعكس سلوكها الفطري المتحفّظ والمفترس. وتؤكد “كولوسال”أن ما تم إحياؤه ليس كلبًا جديدًا، بل ذئبًا رهيبًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.


مشروع “كولوسال” لا يقف عند حدود الذئب الرهيب, فالشركة تطمح إلى إعادة الماموث الصوفي، طائر الدودو، والنمر التسماني، معتبرة أن تقنياتها لا تُعيد فقط الماضي، بل تحمي الحاضر من الانقراض. وتزعم أن ما تفعله هو “واجب أخلاقي” يهدف إلى تصحيح ما أفسده الإنسان في حق الكوكب والتنوع البيولوجي.
ورغم حماسة الإنجاز، تبقى الأسئلة المطروحة: هل هذا تقدم علمي أم عبث جيني؟ هل يمكن التنبؤ بعواقب إدخال كائنات منقرضة إلى عالم اليوم؟ بين نداء الأخلاق وإغراء الخيال العلمي، وبين صوت العلم وعواء الذئب الرهيب، تعيش البشرية لحظة فاصلة، تُشبه إلى حدّ بعيد افتتاحية موسم جديد من Game of Thrones، حيث يخرج المجهول من الظلال، ويتساءل الجميع: من القادم؟