ندوة فكرية بطنجة تسلط الضوء على تحديات تفعيل ورش الحماية الاجتماعية

في سياق احتفالها باليوم العالمي للشغل، نظمت جمعية “قدوة للثقافة والتنمية”، يوم الجمعة 16 ماي 2025، بشراكة مع مقاطعة طنجة المدينة، ندوة فكرية حول موضوع: “الحماية الاجتماعية بالمغرب: بين واقع الإصلاح ورهانات التفعيل”. وشكلت الندوة، التي احتضنتها مدينة طنجة، محطة نوعية للنقاش المؤسساتي والمدني حول سبل تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، في ضوء التحولات الاقتصادية والاجتماعية الجارية بالمملكة.

وشارك في تأطير الندوة ثلة من الأكاديميين والخبراء، من بينهم الدكتورة سعاد الحميدي، أستاذة القانون الجنائي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، والدكتور خالد بوقيش، أستاذ القانون الاجتماعي بجامعة عبد المالك السعدي، والأستاذ رشيد الساري، خبير اقتصادي ورئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة.

وشكل اللقاء مناسبة لاستعراض التحديات المرتبطة بورش الحماية الاجتماعية، الذي يُعد أحد أركان الدولة الاجتماعية كما حدّدها النموذج التنموي الجديد، حيث أجمعت المداخلات على أهمية تجاوز مقاربة الدعم التقليدي، نحو رؤية شاملة تُمكّن المواطن من أدوات التمكين والاندماج.

وقد ركز المتدخلون على ضرورة تعزيز الحماية الاجتماعية للنساء والفئات الهشة، من خلال تحسين الإطار القانوني المرتبط برخص الولادة وفترة الراحة البيولوجية، والتفعيل الفعلي لقانون العاملات والعمال المنزليين. كما تم التشديد على أهمية تمكين النساء اقتصادياً، وضمان الولوج إلى التغطية الاجتماعية، وتحقيق العدالة الأجرية، والمساواة في فرص الشغل.

ومن جهة أخرى، تم تسليط الضوء على وضعية المرأة القروية، التي تعاني من هشاشة متزايدة رغم مساهمتها الفعلية في التنمية الاقتصادية، حيث دعت الندوة إلى إقرار سياسات عمومية تراعي خصوصية هذه الفئة.

وفي ما يخص الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، أوصى المشاركون بإحداث آليات لتمكين هذه الفئات من الولوج إلى سوق الشغل، سواء عبر تسهيل التمويل أو تشجيع المقاولات الصغيرة. كما طُرح مقترح إرساء برامج اجتماعية بديلة ومستدامة للفئات المتقدمة في العمر، تراعي الكفاءة والفاعلية بدل الاقتصار على معيار السن.

وتوقف النقاش كذلك عند إشكالات حوكمة نظام الحماية الاجتماعية، حيث تمت الدعوة إلى مراجعة شروط الاستفادة من الدعم، وخاصة ما يتعلق بـ”المؤشر” المعتمد، الذي يُقصي فئات كالأرامل من الدعم الاجتماعي. كما عبّر المشاركون عن قلقهم من تداعيات الانتقال من نظام “راميد” إلى نظام التأمين الإجباري عن المرض (AMO)، خاصة في ما يتعلق بارتفاع كلفة العلاج والأدوية بالنسبة للفئات ذات الدخل المحدود. وشددوا على ضرورة التفكير في آليات ناجعة لإدماج القطاع غير المهيكل في المنظومة الوطنية للحماية الاجتماعية، وتعزيز مشاركة النخب الأكاديمية والمجتمع المدني في بلورة السياسات الاجتماعية بدل ترك المجال فقط للسجال السياسي.

وفي هذا الإطار، أبرزت الندوة الدور المحوري الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني في إنجاح هذا الورش، من خلال التوعية والمواكبة ورصد الاختلالات، لاسيما لدى الفئات التي تعاني من هشاشة مركبة، مثل الأرامل، وكبار السن، وذوي الأمراض المزمنة. وتم التأكيد على أهمية ترسيخ ثقافة التمكين الذاتي والاستقلالية الاقتصادية للمواطن، عوض تكريس منطق الإعالة المستمرة.

وفي ختام النقاش، تم التأكيد على ضرورة إنجاح الانتقال نحو نموذج “الدولة الاجتماعية” بمفهومها الشامل، وضمان ولوج متكافئ وعادل لجميع المواطنين إلى مختلف خدمات الحماية الاجتماعية، انسجاماً مع مقتضيات اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 102 بشأن المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي. كما دعت الندوة إلى تعزيز روح التضامن والمواطنة الإيجابية، وإشراك المواطن باعتباره فاعلاً أساسياً في البناء التنموي، لا مجرد متلقٍ للسياسات العمومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

أكادير.. اختتام الدورة الأكاديمية لتكوينات تمرين “الأسد الإفريقي 2025”

المنشور التالي

وهبي يؤكد استعداد المنتخب المغربي لانتزاع لقب كأس إفريقيا بمصر

المقالات ذات الصلة