كشف تقرير جديد للبنك الدولي عن مفارقة صارخة يعيشها المغرب، حيث يزداد عدد النساء الحاصلات على شهادات عليا بينما تتراجع مشاركتهن في سوق الشغل، خصوصًا بين الجيل الشاب. ووفق التقرير المعنون بـ«وظائف ونساء، كفاءات مهدرة ونمو غير محقق»، فإن هذه الظاهرة تمثّل «هدرًا للطاقات» وتُعدّ عائقًا حقيقيًا أمام النمو الاقتصادي، في وقت تمكّنت فيه دول أخرى في المنطقة من تحقيق تقدّم لافت في إدماج النساء في سوق العمل.
ويرجع التقرير هذا التراجع إلى مجموعة من العوامل البنيوية والاجتماعية التي تتداخل وتتفاقم، مثل استمرار الأعراف الاجتماعية المقيّدة، ووجود قوانين غير منصفة، وضعف البنية التحتية الداعمة للنساء العاملات، خاصة في ما يتعلق بالنقل وخدمات رعاية الأطفال. كما يشير إلى أن القطاع الخاص، الذي يُفترض أن يكون محركًا للتشغيل، يعاني من ضعف القدرة على خلق وظائف ذات جودة، إلى جانب مظاهر التمييز التي تحد من فرص النساء في العديد من الأنشطة.
ويؤكد البنك الدولي أن الحلول الجزئية لم تعد مجدية، داعيًا إلى إصلاحات شاملة تستهدف تحديث القوانين، وتغيير التصورات الاجتماعية، وتوفير خدمات أساسية تمكّن النساء من الاندماج الفعلي في الحياة الاقتصادية. ويرى التقرير أن رفع مشاركة النساء لم يعد ترفًا سياسيًا، بل ضرورة اقتصادية ملحّة لإنعاش النمو وتعزيز تنافسية المغرب في السنوات المقبلة.