ناس الغيوان: صوت الشعب وروح المقاومة في الأغنية المغربي

ناس الغيوان، فرقة موسيقية مغربية تأسست في أواخر الستينيات بمدينة الدار البيضاء، تُعد من أعظم الظواهر الفنية التي عرفها المغرب والعالم العربي. ظهرت الفرقة في وقت كانت فيه البلاد تعيش تحولات سياسية واجتماعية عميقة، فجاءت أغانيهم لتعبر عن هموم الشعب وآماله، فحملت كلماتهم رسالة ووعيًا جمع بين الفن والالتزام.

تكونت الفرقة في بداياتها من أسماء لامعة مثل العربي باطما، بوجميع، علال يعلى، عمر السيد، وعبد الرحمن باكو، الذين انطلقوا من المسرح الطليعي قبل أن يؤسسوا “ناس الغيوان”. جمعوا بين الشعر الشعبي المغربي (الملحون)، وفن “العيطة”، والموسيقى الكناوية، وصاغوا لونًا موسيقيًا جديدًا، تميز بإيقاعاته القوية وكلماته العميقة الموجهة مباشرة إلى الوجدان الشعبي.

من أشهر أغانيهم التي ظلت خالدة: “مهمومة”، “غير خذوني”، “الصينية”، “النحلة شامة”، و”فين غادي بيا خويا”. كانت أغانيهم مشحونة بالمواقف السياسية والاجتماعية، تحدثوا عن القمع، الفقر، الظلم، الحرية، والمصير. ولذلك لقبهم البعض بـ”رُسُل الاحتجاج” و”صوت المقهورين”، حيث شكّلوا وجدان جيل كامل من المغاربة والعرب.

رغم أن الفرقة فقدت بعض أعضائها المؤسسين، خاصة بعد وفاة بوجميع سنة 1974 ثم العربي باطما سنة 1997، فإن ناس الغيوان استمرت في مسيرتها، وواصلت تقديم الأغاني بنفس الروح والمضمون. بقي عمر السيد، أحد الوجوه البارزة في المجموعة، حاملًا لهذا التراث، وشاهدًا على تلك المرحلة التي شكلت وعي الشباب المغربي.

ناس الغيوان ليست فقط فرقة موسيقية، بل ظاهرة ثقافية، حفرت في ذاكرة المغاربة والعرب عميقًا، وأثرت في الكثير من الفنانين داخل المغرب وخارجه. غنوا للمظلومين، للوطن، وللأمل، وجعلوا من كلماتهم موسيقى ثورية تُردد في الساحات والمهرجانات. إرثهم ما زال حيًا، وتاريخهم الفني يظل مرجعًا في الإبداع الملتزم والصادق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

موائد إفطار الشرق الأوسط: رمضان في الإمارات.. مائدة غنية بالأطباق التقليدية والنكهات الأصيلة

المنشور التالي

السودان: دولة النيل بين الأزمات السياسية والطموحات التنموية

المقالات ذات الصلة