من النقاش إلى التوافق.. الرجاء يُؤسس لثقافة ديمقراطية جديدة في التسيير الرياضي

في مشهد غير مسبوق داخل فضاء كرة القدم الوطنية، وقّع نادي الرجاء الرياضي على جمع عام تحوّل إلى تمرين ديمقراطي فعلي، استغرق أزيد من ثماني ساعات من النقاش، المحاججة، واختلاف الرؤى، ليضع بذلك معايير جديدة في تدبير الحياة المؤسساتية داخل الأندية المغربية. لم يكن مجرد موعد انتخابي لتزكية رئيس جديد، بل كان محطة فكرية، برنامجية وتنظيمية كشفت أن الرجاء لا يلعب فقط داخل الملعب، بل يراهن أيضاً على ريادة التجربة خارج المستطيل الأخضر.

الحضور اللافت لثلاثة مرشحين بخلفيات مختلفة، حافظ على حالة من التشويق حتى اللحظات الأخيرة، فيما شكّل النقاش بين الفاعلين ومنخرطي النادي تجسيداً لصراع أفكار حقيقي، رغم بعض التوترات العرضية التي لم تُخرج الجمع عن إطاره المؤطر قانونياً وفكرياً.

النتيجة جاءت منسجمة مع نبض الجماهير الرجاوية، التي زكّت بقوة عودة جواد الزيات إلى سدة التسيير، بعد أن تفوق على منافسيه في الدور الثاني من التصويت، في لحظة تُحمّله مسؤولية قيادة مرحلة دقيقة ومفصلية في تاريخ النادي. تحديات الزيات لن تكون سهلة، في ظل الحاجة إلى إعادة هيكلة العلاقة بين الجمعية الرياضية والشركة التجارية، وتحقيق توازن بين البعد الرياضي والتدبير المالي، وفق مقاربة مؤسساتية تحترم استقلالية كل طرف دون المساس بالهوية الراسخة للنادي.

ما حدث في بيت الرجاء لا يمكن أن يُقرأ بمعزل عن السياق الوطني، إذ يبعث برسالة قوية لباقي الأندية المغربية: آن أوان مغادرة الجموع الشكلية نحو فضاءات النقاش الحر، والقطع مع منطق الولاءات الشخصية نحو منطق المشاريع والبرامج. هي دعوة مفتوحة لإعادة بناء المنظومة الرياضية على أسس الحوكمة، الشفافية، والتسيير العصري.

فهل تكون الرجاء قد فتحت الباب فعلاً لثورة هادئة في تدبير الشأن الرياضي الوطني؟ أم أن التجربة ستبقى استثناءً معزولاً في بحر من العشوائية؟ الأيام القادمة وحدها الكفيلة بالإجابة، لكن المؤكد أن “القلعة الخضراء” رفعت السقف عالياً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

مبادرة مجتمعية: العيون تفتح مسابحها مجانا دعما للترفيه الصيفي

المنشور التالي

تشلسي يضرب موعدا مع النهائي ويقصي فلومينينسي بثنائية برازيلية

المقالات ذات الصلة