أعلن وزير التجهيز والماء، نزار بركة، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العالمي للماء بمدينة مراكش، أن المغرب يحقق تقدما ملموسا في تعزيز أمنه المائي عبر اعتماد سياسة شاملة تقوم على تعظيم الموارد غير التقليدية والتحكم في الطلب. موضحا أن هذه السياسة تجمع بين توسيع محطات تحلية مياه البحر، تسريع وتيرة بناء السدود، استغلال المياه العادمة المعالجة، ودعم الفرشات الجوفية، في إطار مقاربة مترابطة تدمج الماء والطاقة المتجددة والغذاء.
وأشار بركة، إلى أن هذه الدينامية تأتي تنفيذا للرؤية الملكية التي ترتكز على تخطيط مائي بعيد المدى يمتد إلى حدود سنة 2050. وقد تم إعداد مخططات للتدبير المتكامل للأحواض المائية تحدد بدقة حجم الموارد المتاحة والحاجيات المستقبلية والمخاطر المحتملة، وتضم المشاريع ذات الأولوية، لتكون بمثابة خارطة طريق وطنية تنسق بين مختلف المتدخلين من دولة، جهات، جماعات، وقطاعات اقتصادية واجتماعية.
وفي ما يتعلق بالتحلية، أكد الوزير أن المغرب شيد 17 محطة بطاقة إجمالية تبلغ 350 مليون متر مكعب سنويا، بينما توجد مشاريع أخرى قيد التنفيذ سترفع القدرة الإنتاجية إلى 1.7 مليار متر مكعب في أفق 2030. وسيمكن ذلك من توفير حوالي 60% من حاجيات السكان من الماء الشروب، مع تشغيل هذه المنشآت بالطاقات المتجددة لتقليص الكلفة وضمان الاستدامة، إلى جانب سقي نحو 100 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية.
كما شدد على أهمية مشروع الربط بين الأحواض المائية باعتباره من الأوراش الملكية الكبرى، لما يوفره من توزيع متوازن للمياه وقدرة أكبر على مواجهة تقلبات المناخ وندرة الموارد، بما يضمن تزويد السكان والأنشطة الإنتاجية بشكل دائم.
وتحدث بركة عن تحول عميق يشهده تدبير الماء في المغرب، سواء في المجال الفلاحي الذي يتجه نحو السقي الذكي والزراعات الأقل استهلاكا، أو في المدن التي تعتمد أنظمة رقمية متطورة للكشف المبكر عن التسربات باستعمال الذكاء الاصطناعي.
وفي سياق ترشيد الموارد، أكد الوزير أن إعادة استعمال المياه العادمة أصبحت اليوم خيارا قائما وفعالا في الري الصناعي والفلاحي، مع خطط لرفع حجم هذه العمليات إلى ثلاثة أضعاف. كما تم إطلاق عقود للفرشات المائية تفرض سقوفا دقيقة لاستخراج المياه مقابل حوافز مالية وتقنية، على أن يتم توسيع هذه الآلية بإعداد 19 عقدا إضافيا.
وذكر بركة بأن المغرب يشجع الابتكار في مواجهة الإجهاد المائي، من خلال مشاريع للحد من التبخر عبر الألواح الشمسية العائمة فوق السدود، وتطوير برنامج الاستمطار الصناعي باستخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات الطيران الخفيف، إضافة إلى مشاريع جديدة لاستخراج الماء من الرطوبة الجوية بالطاقة الشمسية.
كما طور المغرب نظاما متقدما للرصد واليقظة المناخية يعتمد خرائط توقعية دقيقة على مستوى الجماعات الترابية، مما يسمح بالإنذار المبكر واتخاذ قرارات استباقية أمام المخاطر المناخية.
واختتم الوزير مداخلته بالتأكيد على أن المؤتمر العالمي للماء يشكل فضاء مهما لتبادل الخبرات والابتكارات، موجها الشكر للجمعية الدولية للموارد المائية وكل المنظمين، ومتطلعا إلى توصيات تعزز الأمن المائي وتدفع نحو إدارة مبتكرة ومستدامة للموارد.