بقلم عزيز رباح: وزير سابق ورئيس مبادرة “الوطن أولا ودائما”
منذ أكثر من عقدين ونصف أطلقت في بلادنا ثورة تنموية مجالية واقتصادية استهدفت كل جهات المملكة ولو بدرجات متفاوتة، وحولت المغرب إلى ورش مفتوح دائم.
وتجددت هذه الثورة بوتيرة متصاعدة لتكون المملكة جاهزة قبل سنة 2030 لاحتضان كأس العالم ، مع التأكيد طبعا على أن هذا الحدث الرياضي هو عامل مسرع Facteur -Accelerateur وليس هو محدد للتنمية كما يروج البعض!! فبلادنا تخطط وتبرمج وتنجز منذ عقود من أجل أن تكون صاعدة ومنافسة وجاذبة.
فهذه الثورة التنموية في بعدها الاستثماري المادي، تنبني على ثلاثة ركائز مهمة:
– أولا: المخططات والبرامج المتعددة في كافة القطاعات الاقتصادية خاصة الفلاحة والصيد والصناعة والمعادن والطاقة والسياحة ..
– ثانيا: التنمية المجالية: القروية والحضرية والجهوية وتشمل الطرق والكهرباء والماء والمرافق التعليمية والصحية والاجتماعية والرياضية والثقافية ..
– ثالثا: النقل واللوجتسيك على كل الأصعدة: الدولي والوطني والجهوي والحضري ، ويشمل ذلك كل مكونات القطاعات الثلاثة المهمة كالسككي والبحري والجوي
وتخصص لهذه الاستثمارات ميزانيات تصل في المعدل إلى حوالى 200 مليار درهم سنويا ، وقد تصل إلى الضعف مع اقتراب سنة 2030.
ويتوزع هذا الاستثمار على أربعة أقسام أساسية:
– الاستثمار المباشر عبر الطلبيات العمومية للقطاعات الوزارية.
– استثمارات المؤسسات والشركات العمومية.
– استثمارات الجماعات الترابية في الجهات والأقاليم والمدن والقرى،
– الدعم المباشر للمستثمرين الخواص يصل أحيانا إلى نسبة 30% من حجم استثماراتهم.
ويجمع كثير من المسؤولين والمتخصصين والمهتمين على ضرورة جعل هذا الاستثمار العمومي رافعة قوية للصناعة الوطنية الحديثة والتقليدية والتشغيل.. ويتحقق ذلك باتخاذ قرار حازم ومراقبة صارمة في تنزيل القواعد التدبيرية التالية:
– تعميم تطبيق الأفضلية الوطنية لصالح الشركات ومكاتب الدراسات المغربية في الصفقات العمومية للوزارات والمؤسسات والجماعات الترابية.
– إقرار إلزامية اقتناء الآليات والمعدات المصنعة محليا بما فيها التقليدية وأيضا المناولة مع الشركات الوطنية على الشركات الحائزة على الصفقات العمومية.
– إقرارها أيضا على الشركات الحاصلة على عقود التدبير المفوض وعقود الامتياز كتدبير النفايات والنقل الحضري ومناولة الموانيء.
– إقرارها كذلك على الشركات والمؤسسات المستفيدة من دعم الدولة في كل القطاعات.
– إقرارها أخيرا على الشركات الحاصلة على التراخيص في قطاعات ؛ كالنقل والمعادن والقالع والصيد البحري وغيرها..
– تطبيق مبدأ الافضلية الوطنية للتراث المغربي وخاصة الصناعة التقليدية والمعمار، واستعمال المواد المحلية في البناء في الإدارات والمرافق.
إن من شأن هذا التوجه أن يضاعف من المجهود الوطني في الصناعة بشقيها الحديث والتقليدي، ويدعم الاستثمارات الصناعية والحرفية ويعزز الثقة في الشركات الوطنية والمنتوج الوطني.
وسيساهم كذلك لا محالة في خلق طفرة نوعية في التشغيل، لاستيعاب الكم الهائل من الشباب العاطل من الخريجين والحرفيين وغيرهم..
الأمر يحتاج إلى قرار!!!
في مقال قادم سأتطرق لضرورة التوازن بين التنمية العمرانية والتنمية الإنسانية.
والخير أمام.