في لحظة سياسية كان يفترض أن يسودها الوضوح والمسؤولية، اختار حزب الأحرار، وهو يقود التحالف الحكومي، أن يقوم بجولة عبر مناطق المغرب لا لتقديم حصيلة حقيقية، بل لتسويق إنجازات لا يلمسها المواطن في معيشه اليومي ولا في صحته ولا في تعليم أبنائه. جولة أقرب إلى حملة انتخابية مغلقة، يتم فيها انتقاء الجمهور بعناية، وكأن الواقع لا يفرض على الحزب مواجهة الأسئلة الثقيلة التي تؤرّق المجتمع.
الحصيلة الحكومية ليست عرضا احتفاليا يقدم داخل قاعات مغلقة أمام جمهور يتقن التصفيق، بل هي مناسبة للمحاسبة والإفصاح والجرأة السياسية. لا يمكن لحزب يتصدر المشهد الحكومي أن يُقدم نفسه بارتياح وسط جمهور معد مسبقا، بينما الشارع يحمل قصصا أخرى: مشاهد لمواطنات ومواطنين يقطعون الكيلومترات مشيا بحثا عن حياة أفضل، وشباب يرفعون صوتهم منادين بمحاربة الفساد وبمنظومة صحية وتعليمية تحترم إنسانيتهم.
زعيم حزب الأحرار ليس في حاجة إلى إشادة من مناصريه بقدر حاجته إلى الاستماع الحقيقي لمن هم خارج دائرة التصفيق. الأصوات التي يجب الإصغاء إليها هي تلك التي تعكس الخلل في السياسات العمومية، وتفضح الفجوات في التنمية، وتكشف أن ما يسمى مسار الإنجاز ما يزال بعيدا عن واقع الناس.
ويبقى السؤال قائما: كيف لحزب بعض من وزرائه متورطون في تضارب المصالح أن يتحدث بثقة عن مسار للإنجاز بينما شريحة واسعة من المواطنين ترى أن السياسات الحالية لم تزدها إلا عبئا ومعاناة؟ أي مصداقية يمكن أن تُبنى وسط هذا التناقض بين الشعارات والواقع؟
السياسة ليست تمارين في التواصل ولا سباقا في التسويق، بل مسؤولية وأمانة، والإنجاز الحقيقي هو ذلك الذي ينعكس مباشرة على حياة المواطنين، لا ذاك الذي يُروى في لقاءات مغلقة أمام جمهور مقتنع سلفا.
فما لم يخرج حزب الحمامة من منطق العرض الدعائي إلى منطق المحاسبة والإصغاء والعمل، سيظل مسار الإنجاز مجرد قصة تُروى، لا حقيقة تُعاش.