مرسى المغرب تعزز موقعها الاستراتيجي في الخدمات اللوجستية الأفريقية

بقلم محمد ايت اهدى:

منذ عام 2024، شرعت مرسى المغرب، المشغل الرئيسي للميناء المغربي، في تنفيذ خطة توسع قاري طموحة لتعزيز تواجدها في مجال الخدمات اللوجستية على مستوى أفريقيا. وفي إطار هذه الاستراتيجية، قامت المجموعة في عام 2025 بتأسيس ثلاث شركات تابعة دولية، وهي “مرسى المغرب الدولية اللوجستية”، و”مرسى جيبوتي”، و”مرسى بنين”. وتولي مرسى المغرب الدولية اللوجستية (برأس مال قدره 300 مليون درهم) مهمة إدارة المشاريع الاستثمارية الدولية للمجموعة، مما يسهم في تنويع أنشطتها وتعزيز قدراتها في إدارة مشاريع الموانئ والخدمات اللوجستية في القارة.

بنين (ميناء كوتونو)

من خلال الشركة الفرعية “مرسى بنين”، تولي مرسى المغرب إدارة الأرصفة 1 و5 في ميناء كوتونو بموجب عقد إدارة مفوض مع شركة “بنين مانوتيونز إس إيه”. وتهدف هذه الشراكة إلى تحديث البنية التحتية للميناء وتعزيز قدراته التشغيلية، مما يسهم في فتح آفاق جديدة للوصول إلى أسواق محورية في غرب أفريقيا مثل النيجر، وبوركينا فاسو، وشمال نيجيريا. ومن المتوقع أن تؤدي هذه المبادرة إلى رفع الكفاءة التنافسية الإقليمية وزيادة حركة التجارة عبر ميناء كوتونو.

جيبوتي (محطة داميجوج للنفط)

من خلال الشركة الفرعية “مرسى جيبوتي”، تخطو مرسى المغرب خطوة استراتيجية نحو شرق أفريقيا. ستشارك الشركة في مشروع “داميرجوغ أويل جيتّي”، الذي يتولى تطوير وتجهيز وتشغيل محطة نفط جديدة في المنطقة الحرة بجيبوتي. ومن خلال هذا الاستثمار، تأمل مرسى المغرب في الاستفادة من التدفقات اللوجستية المتعلقة بالهيدروكربونات، وخاصة تلك الموجهة إلى الأسواق الجيبوتية والإثيوبية، مما يسهم في تحسين كفاءة سلسلة توريد الوقود وتوطيد مكانة جيبوتي كمركز إقليمي للطاقة.

ليبيريا (موانئ مونروفيا وبوكانان)

في نفس العام، وسعت مرسى المغرب حضورها إلى غرب أفريقيا الناطقة بالإنجليزية عبر توقيع مذكرة تفاهم لمدة 18 شهرًا مع هيئة الموانئ الوطنية في ليبيريا، بهدف تحديث ميناءين رئيسيين. ففي ميناء مونروفيا، يهدف المشروع إلى تطوير محطة متعددة الأغراض بالشراكة بين القطاعين العام والخاص لاستيعاب مجموعة أوسع من السلع وزيادة كفاءة الميناء. أما في ميناء بوكانان، فتتولى مرسى المغرب قيادة عملية التوسعة والإدارة للمحطة القائمة، متضمنة تصميم وتمويل وبناء بنية تحتية جديدة للشحن. ويهدف المشروع إلى تحويل الموانئ الليبرية إلى منصات لوجستية إقليمية مشابهة لتجربة ميناء كوتونو، مما يعزز من التجارة في ليبيريا والدول المجاورة عبر تحسين قدرات الموانئ وخفض التكاليف اللوجستية.

التأثير الاقتصادي واللوجستي

من المتوقع أن تسهم هذه المبادرات في تعزيز دور مرسى المغرب في سلاسل التوريد الأفريقية من خلال نقل خبراتها في إدارة الموانئ. ففي كوتونو، ستعمل الشراكة على تيسير التجارة مع المناطق النائية في الساحل، بينما سيسهم الاستثمار في جيبوتي في تحسين عمليات استيراد وتصدير المنتجات البترولية في شرق أفريقيا. وفي ليبيريا، سيؤدي تحديث الموانئ إلى تحفيز الاقتصاد المحلي عبر خلق فرص عمل جديدة وزيادة حركة المرور البحرية، مما يدمج البلاد بشكل أفضل في شبكة التجارة الإقليمية. وهكذا، تعمل مرسى المغرب على ترسيخ وجودها في أفريقيا من خلال الاستفادة من الامتيازات اللوجستية والشراكات بين القطاعين العام والخاص، مما يعزز الكفاءة التشغيلية للمراكز الاستراتيجية في القارة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

حادثة الروبوت في الصين تثير المخاوف بشأن الذكاء الاصطناعي

المنشور التالي

موائد إفطار مغاربية:المائدة الرمضانية المغربية بين الأصالة والحداثة في مطبخ الشهر الفضيل

المقالات ذات الصلة