كشف تقرير مايكروسوفت للدفاع الرقمي لسنة 2025 عن تصاعد غير مسبوق في حجم وتعقيد الهجمات السيبرانية التي تشنّها جهات مدعومة من دول، مؤكدًا أن أكثر من 120 دولة تعرّضت لهجمات رقمية منسقة خلال عام واحد، ما يعكس تحوّلًا نحو حرب رقمية عالمية تتداخل فيها الجاسوسية مع التضليل الإعلامي واستعمال الذكاء الاصطناعي كسلاح استراتيجي.
في القارّة الإفريقية، وضع التقرير المغرب ضمن أكثر الدول استهدافًا إلى جانب مصر وجنوب إفريقيا، حيث سجّلت المملكة 26 هجومًا في عام واحد، تتعلّق أغلبها بمحاولات اختراق أنظمة حكومية ومؤسسات بحثية وشركات تكنولوجية. وأشار التقرير إلى أن دوافع هذه الهجمات تتنوّع بين سرقة البيانات الحساسة (37%)، والابتزاز المالي (33%)، وتدمير الأنظمة أو تعطيلها (19%)، مما يكشف أن الحروب السيبرانية لم تعد فقط أداة تجسس بل وسيلة ضغط اقتصادي وسياسي. كما حذّر التقرير من أن العديد من هذه الهجمات تستغلّ ثغرات في الأنظمة القديمة، خصوصًا الحواسيب التي لا تزال تعمل بنظام ويندوز 10 بعد توقّف الدعم الأمني عنه، ما يجعلها بوابة مفتوحة أمام المتسللين.
الجانب الأخطر في التقرير يتمثّل في التحوّل نحو ما تسميه مايكروسوفت بـ «الفاعلين المعتمدين على الذكاء الاصطناعي»، وهم جهات تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنتاج محتويات مزيفة عالية الدقة كأصوات وصور وفيديوهات تخدم حملات تضليل تهدف إلى إرباك المجتمعات وطمس مصدر الهجمات. ويشير التقرير إلى أن هذه الحرب الصامتة لم تعد تستهدف فقط الدول العظمى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، بل تمتدّ إلى الدول الصاعدة، ما يجعل من الأمن السيبراني اليوم قضية سيادية بامتياز. وفي مواجهة هذا التصعيد، دعت مايكروسوفت الحكومات والمؤسسات إلى تبنّي المصادقة متعددة العوامل، وتعزيز تبادل المعلومات بين الدول، وجعل حماية الفضاء الرقمي أولوية وطنية لا تقلّ أهمية عن الأمن الترابي.