في لحظة تاريخية غير مسبوقة، أعلن ,أمس الخميس 8 ماي 2025, الفاتيكان عن انتخاب الكاردينال الأمريكي روبرت فرنسيس بريفوست بابا جديدًا للكنيسة الكاثوليكية، ليحمل الاسم البابوي “ليو الرابع عشر”. ويُعدّ بريفوست أول أمريكي يتولى هذا المنصب منذ نشأة الكنيسة قبل أكثر من ألفي عام. وخلال ظهوره الأول من شرفة كاتدرائية القديس بطرس، أطلق نداءً عالميًا للسلام، مؤكدًا عزمه “بناء الجسور” عبر الحوار والوحدة بين الشعوب.

وجاء انتخاب البابا الجديد بعد انعقاد المجمع المغلق (الكونكلاف) في كنيسة سيستين بالفاتيكان، حيث اجتمع 133 كاردينالا ناخبا لاختيار خليفة للبابا الراحل فرنسيس، الذي توفي عن عمر ناهز 88 عامًا. وشهدت لحظة الإعلان تصاعد الدخان الأبيض من مدخنة الكنيسة وقرع أجراس القديس بطرس، وسط صيحات فرح آلاف المحتشدين في ساحة الفاتيكان, وأعلن القرار بعبارة “Habemus Papam” اللاتينية، إيذانا ببداية عهد بابوي جديد.
وتجدر الإشارة إلى أن ليو الرابع عشر البالغ من العمر 69 عاما قد ولد في شيكاغو لعائلة متعددة الأصول، ودرس الرياضيات قبل أن ينضم إلى رهبنة القديس أوغسطين, وقضى جزءا كبيرا من حياته التبشيرية في بيرو، حيث حاز على تقدير واسع لتفانيه الإداري والروحي. كما يحمل جنسية بيروفية إلى جانب جنسيته الأمريكية، في إشارة رمزية إلى توجهه العابر للحدود والانتماءات.

ويعكس اسم “ليو الرابع عشر” الذي اختاره البابا الجديد ارتباطا بالرؤية الاجتماعية للكنيسة، إذ يشير إلى البابا ليو الثالث عشر، البابا الإيطالي فينتشنزو جيواكينو بيتشي, المعروف بدفاعه عن الفقراء والعمال. وتُقرأ هذه التسمية كمؤشر على التزام بريفوست بقضايا العدالة الاجتماعية، ومواصلة إرث سلفه فرنسيس في التركيز على المهمشين وتوسيع دور الكنيسة عالميًا.
وبأسلوبه الهادئ، ينظر إلى البابا ليو الرابع عشر كزعيم توفيقي قادر على التعامل مع التحديات الراهنة التي تواجه الكنيسة الكاثوليكية، من قضايا الهجرة والفقر، إلى الدعوة لمزيد من الانفتاح والتسامح. ومن المتوقع أن يشكل انتخابه بداية فصل جديد في تاريخ الفاتيكان، يوازن بين التقاليد الراسخة والتجديد المنفتح على العالم.