في موسم استثنائي أعيد فيه رسم معالم التخطيط التكتيكي في كرة القدم، اختار نادي لينكولن سيتي، المنتمي لدوري الدرجة الأولى الإنجليزي، أن يسلك طريق المستقبل، معتمدا على تقنيات الذكاء الاصطناعي كأداة استراتيجية داخل المستطيل الأخضر. وأثمرت هذه الخطوة الجريئة عن نتائج مبهرة، حيث تصدر الفريق ترتيب الفرق الإنجليزية من حيث عدد الأهداف المسجلة من الكرات الثابتة، محققا رقما غير مسبوق بلغ 30 هدفًا، بفارق ستة أهداف عن أقرب منافسيه، وبزيادة تقدر بـ25% مقارنة بالمواسم السابقة.
ولم يكن السر في تغيير اللاعبين، بل في تغيير طريقة التفكير, فمن خلال التعاون مع شركات متخصصة في تحليل البيانات الرياضية، لجأ الفريق إلى خوارزميات ذكية قادرة على تفكيك تمركز المدافعين وكشف الثغرات في لحظات ثابتة من اللعب، طالما اعتبرت تقليدية أو عشوائية في بعض الأحيان. إذ لم تعد مراجعة الفيديوهات تستغرق أياما، بل دقائق معدودة. ومن خلال نماذج متقدمة لمعالجة الصور والبيانات، صممت سيناريوهات تكتيكية دقيقة، أدمجت في خطة المدرب مايكل سكوبالا، الذي رأى في الذكاء الاصطناعي حليفا يعزز قراراته بدل أن يحل محله.
تبنى سكوبالا، المعروف بعقليته المنفتحة, هذا النهج التقني بالكامل، ليحول الكرات الثابتة من فرص عارضة إلى سلاح حاسم في ترسانة فريقه, كما تفاعل مع التحول، حيث أصبحت التحركات المدروسة والتفاهم اللحظي امتدادا لقرارات خوارزمية مسبقة، لا تترك للمنافس سوى هامش ضئيل للمناورة. وكان من اللافت أن معظم الأهداف المسجلة لم تأت من تكرار النمط، بل من تنوع زوايا التنفيذ والتمويه، ما يعكس ديناميكية التحليل الذكي للخصوم.
هذه التجربة الرائدة التي يخوضها لينكولن سيتي لم تمر دون أن تثير الجدل, ففي حين يرى فيها كثيرون ملامح المستقبل، يتريث آخرون، خصوصا من أنصار المدرسة التدريبية التقليدية، الذين ما زالوا يتحفظون على تدخل التكنولوجيا في ما يعتبرونه “فن اللعبة”. لكن الواقع الرقمي، كما تظهره نتائج لينكولن، يفرض نفسه بصمت وفاعلية، وربما يمهد لحقبة جديدة يصبح فيها الذكاء الاصطناعي لاعبا غير مرئي، لكنه حاضر في كل قرار وتكتيك.