سجلت كوريا الجنوبية خلال شهر أبريل الماضي ارتفاعًا غير مسبوق في عدد المواليد بنسبة 8.7% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ليصل العدد إلى 20,717 مولودا، وهو أعلى معدل زيادة شهرية منذ عام 1991، بحسب ما أعلنت عنه وكالة الإحصاء الكورية. واعتبر المسؤولون هذه القفزة “أنباء إيجابية” في بلد يعاني منذ سنوات من أزمة خصوبة مزمنة، مشيرين إلى أن هذه الزيادة ترتبط ارتباطا وثيقا بارتفاع معدلات الزواج وتحولات ديمغرافية ومجتمعية متسارعة.
وتعد كوريا الجنوبية صاحبة أدنى معدل خصوبة في العالم، حيث بلغ المعدل في 2024 نحو 0.75 طفل لكل امرأة، وهو بعيد عن المعدل الطبيعي لاستبدال السكان والمقدر بـ2.1. وقد أنفقت الحكومة الكورية الجنوبي أكثر من 200 مليار دولار على مدار السنوات الماضية لمحاولة عكس هذا الاتجاه من خلال دعم علاجات الخصوبة، والإسكان، ومزايا مالية أخرى للأسر. غير أن التقدم لا يزال محدودا، ما يثير مخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد الكوري، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، والذي يواجه بدوره تحديات في قطاعات التكنولوجيا والتجارة.
وحسب تقارير إعلامية أرجعت بارك هيون جونغ، مديرة قسم الاتجاهات السكانية في هيئة الإحصاء الكورية الجنوبية، هذا التحسن في عدد المواليد إلى استمرار ارتفاع عدد الزيجات، الذي سُجّل للشهر الثالث عشر على التوالي، ليصل إلى 18,921 حالة في أبريل. وأكدت بارك أن الولادة خارج إطار الزواج لا تزال نادرة في المجتمع الكوري، مما يجعل من الزواج مؤشرا بالغ الأهمية للتنبؤ بمستوى المواليد مستقبلا. وأضافت المتحدثة أن هناك عوامل أخرى مثل تحسن النظرة الاجتماعية للأمومة وارتفاع عدد النساء في سن الإنجاب تساهم بدورها في هذا الانتعاش النسبي.
ورغم هذه التطورات الإيجابية، لا تزال كوريا الجنوبية تواجه تراجعا ديمغرافيا عاما، إذ سجلت في أبريل أيضًا 28,785 حالة وفاة، بزيادة طفيفة نسبتها 0.8% مقارنة بالعام الماضي، ما أدى إلى انخفاض صافي عدد السكان بمقدار 8,067 شخصا. هذا التراجع المستمر في التوازن السكاني يدق ناقوس الخطر في بلد يشيخ بسرعة، ما يستدعي جهودا مضاعفة للحفاظ على استقرار النمو الاقتصادي والاجتماعي في السنوات المقبلة.
