قانون العقوبات البديلة .. من الزجر الى الإصلاح

في خضم النقاش الوطني حول إصلاح العدالة وتحديث السياسة الجنائية، يبرز قانون العقوبات البديلة في المغرب كأحد المرتكزات التشريعية الجديدة التي تعكس تحولا في فلسفة العقوبة، من منطق الزجر والردع  إلى أفق أوسع يقوم على الإصلاح وإعادة الإدماج. ويأتي هذا التوجه في ظل التحديات التي يعرفها قطاع السجون، وعلى رأسها الاكتظاظ والآثار الاجتماعية السلبية التي يخلفها الاعتقال، خاصة بالنسبة للمخالفات البسيطة.

وفي هذا السياق صرحت صفاء الوردي محامية بهيئة الرباط، لموقع THE PRESS، أن العقوبات البديلة تمثل رؤية جديدة للعقوبة  تتجاوز العقاب إلى تحقيق التهذيب والتقويم عبر آليات قانونية تحفظ كرامة المحكوم عليه وتفتح له باب الاندماج مجددا في المجتمع، وأضافت أن هذا التوجه ينسجم مع ما جاء به مشروع القانون الجنائي المعدل رقم 10.16 الذي يناقش منذ سنوات داخل البرلمان، حيث تضمن مقتضيات جديدة تقنن هذه الآلية في الجنح التي لا تتجاوز عقوبتها خمس سنوات حبسا.

وفي الإطار القانوني أوضحت الوردي أن القانون رقم 22.43 المرتقب دخوله حيز التنفيذ في 22 غشت 2025، هو الذي سيشكل الأساس الرسمي للعقوبات البديلة حيث يعرفها بأنها تلك التي تصدر بدلا من العقوبات السالبة للحرية، بشرط ألا تتجاوز العقوبة الأصلية خمس سنوات حبسا نافذا، مضيفة أن هذا التحول يعكس رغبة المشرع المغربي في تحقيق عدالة أكثر توازنا، تأخذ بعين الاعتبار مصلحة المجتمع دون المس بحقوق الأفراد الأساسية.

وفي ما يتعلق بأشكال العقوبات البديلة، أشارت الوردي إلى أنها تشمل العمل لفائدة المصلحة العامة، والذي يلزم المحكوم عليه بأداء مهام تطوعية غير مأجورة لصالح مؤسسات عمومية أو جماعات محلية والغرامة اليومية، التي تحول العقوبة الحبسية إلى مبلغ مالي يدفع بشكل يومي بالإضافة إلى التقييد ببعض الحقوق كمنع الجانح من القيادة أو من ولوج أماكن محددة وأيضا الوضع تحت المراقبة الإلكترونية عبر سوار إلكتروني يقيد مجال تحرك المحكوم عليه.

كما أضافت صفاء الوردي على أن تطبيق هذه العقوبات لا يتم إلا وفق شروط دقيقة، من بينها ألا تتجاوز العقوبة الأصلية سنتين حبسا وأن يوافق المحكوم عليه على العقوبة البديلة خاصة في حالة العمل للمصلحة العامة، وأن يكون حسن السلوك وخاليا من السوابق الخطيرة مع التأكد من أن الجريمة لا تشكل تهديدا كبيرا للنظام العام أو السلامة الجسدية للأفراد. وبخصوص التحديات، نبهت المحامية إلى أن هذا الورش التشريعي الطموح قد يصطدم بعدد من العقبات، مثل ضعف البنية التحتية اللازمة لمواكبة تنفيذ العقوبات البديلة، ونقص التكوين لدى القضاة وأعوان التنفيذ إلى جانب ضعف ثقافة التصالح المجتمعي، التي قد تجعل فئة من المواطنين تعتبر هذه العقوبات نوعا من التساهل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

احتجت على تواطؤ شركتها مع الجيش الإسرائيلي… فكان الطرد مصير إبتهال أبو سعد

المنشور التالي

أمطار وعواصف ورياح قوية مرتقبة بالمغرب ابتداءً من الأربعاء

المقالات ذات الصلة