تحول المغرب في السنوات الأخيرة إلى أحد أبرز الفاعلين في مجال صناعة السيارات على الصعيد الإفريقي، وبات يشكل وجهة استراتيجية رئيسية لمصنّعي وموردي السيارات الأوروبيين، وعلى رأسهم الإسبان. ووفق تحليل نشرته جمعية التجار وبائعي السيارات “فاكوناوتو” “FACONAUTO” الإسبانية, أول أمس الثلاثاء 22 أبريل 2025، فإن تطور منظومة الصناعة المغربية، إضافة إلى الموقع الجغرافي القريب من أوروبا، والتكاليف التنافسية، واتفاقيات التجارة المتعددة التي تجمعه بالاتحاد الأوروبي والدول العربية، يجعل من المملكة قاعدة إنتاجية جذابة لشركات مثل “رونو” و”ستيلانتيس”، التي كانت من أوائل المستثمرين في القطاع.
وترى الجمعية من خلال التحليل, أن هذا التوسع المغربي لا يشكل فقط فرصة للمصنّعين الإسبان، بل يمثل في الآن ذاته تحديًا لمصانعهم المحلية، خاصة في ظل انتقال جزء من سلاسل الإنتاج إلى الضفة الجنوبية للمتوسط. وتدفع هذه الدينامية الجديدة باتجاه خيار التدويل كاستراتيجية بديلة للمصنعين الإسبان، الذين يرون في المغرب بيئة مواتية لتوسيع أنشطتهم الصناعية، بما يسمح لهم بمواكبة التحولات العالمية في قطاع السيارات، لاسيما في ظل التحول المتسارع نحو المركبات الكهربائية.
ويعتبر المغرب، منذ عام 2016، أول مصدر للسيارات على مستوى إفريقيا، ويطمح إلى الحفاظ على هذا الموقع في السنوات المقبلة، رغم أن ذلك سيظل رهينًا بالوضعية الاقتصادية في الأسواق الأوروبية. ويتوقع تحليل “فاكوناوتو” أن يشهد القطاع نموًا معتدلًا بين 2025 و2029، بفعل حالة عدم اليقين المرتبطة بالرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة، والتي قد تدفع المصنعين إلى إعادة توجيه منتجاتهم نحو الأسواق الداخلية أو الإفريقية بدلًا من الأمريكية، في وقت تبرز فيه منافسة من المنتجين الصينيين والمغاربة.
وفي المقابل، فإن المغرب مطالب برفع مستوى التخصص الصناعي، خاصة مع توجهه نحو تصنيع السيارات الكهربائية، وهو ما يتطلب استثمارات أجنبية مباشرة وتطويرًا للمهارات المحلية. ويرجّح محللو القطاع أن يؤدي هذا التحول إلى استقطاب المزيد من المصنعين الأوروبيين الذين قد يجدون في المغرب موقعًا استراتيجيًا لتوسيع إنتاجهم، مستفيدين من البيئة التنافسية والدينامية الصناعية التي جعلت من المملكة قطبًا صاعدًا في صناعة السيارات على المستويين الإقليمي والدولي.
