بعدما قررت الولايات المتحدة الأمريكية طرد السفير الجنوب أفريقي لديها، إبراهيم رسول، أمس الجمعة 14 مارس 2025، متهمة إياه بتأجيج التوترات العرقية والتدخل في الشؤون السياسية الأمريكية، فمن المنتظر أن بعكس هذا القرار توثرا متزايدًا في العلاقات بين واشنطن وبريتوريا، التي تبنّت في السنوات الأخيرة مواقف سياسية لا تتماشى مع توجهات الإدارة الأمريكية، خصوصًا فيما يتعلق بالعلاقات الدولية والقضايا الإقليمية.
يأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه قضية الصحراء المغربية صراعًا دبلوماسيًا محتدمًا بين المغرب من جهة، والجزائر وجنوب أفريقيا من جهة أخرى. وتعتبر بريتوريا أحد أبرز الداعمين لجبهة البوليساريو، حيث توفر لها دعمًا دبلوماسيًا واسعًا داخل الاتحاد الإفريقي وخارجه. وفي المقابل، يعزز المغرب حضوره الدولي عبر تحالفات استراتيجية مع قوى كبرى، من بينها الولايات المتحدة، التي اعترفت بسيادته على الصحراء خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تتزايد التوقعات بأن تعزز واشنطن موقفها الداعم للمغرب في هذا النزاع الإقليمي. فقد سبق للإدارة الجمهورية أن اعترفت رسميًا بسيادة المغرب على الصحراء، ومن المرجح أن تتخذ خطوات إضافية لتعزيز هذا الاعتراف، سواء عبر توسيع التعاون الاقتصادي والاستثماري في الأقاليم الجنوبية، أو عبر ممارسة مزيد من الضغوط الدبلوماسية على خصوم المغرب.
في ظل هذه المستجدات، تبرز أمام الدبلوماسية المغربية فرصة تاريخية لحسم ملف الصحراء بصفة نهائية. فمن خلال تكثيف الجهود الدبلوماسية، واستثمار التحولات الجيوسياسية لصالحها، يمكن للمغرب تعزيز الدعم الدولي لمبادرته للحكم الذاتي، خاصة داخل المؤسسات الأممية. كما أن استثمار علاقاته الاستراتيجية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الإفريقية الصاعدة قد يدفع نحو إجماع دولي أقوى يعزل الأطراف المناوئة لمصالحه. فالمناخ الدولي الحالي، إذا أُحسن استغلاله، قد يمهد الطريق أمام حل نهائي يكرس السيادة المغربية على كامل أقاليمه الجنوبية، وينهي عقودًا من النزاع المفتعل.