في ظل التحولات الكبرى التي يعرفها المغرب استعدادا لتنظيم كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، تتجه الأنظار إلى النسيج التجاري المحلي، وخاصة “مول الحانوت”، كحلقة حيوية ينبغي إشراكها في الورش الرقمي الوطني. ففي جلسة برلمانية حديثة، دعا عمر حجيرة، كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية، إلى تسريع إدماج التجار الصغار في منظومة الدفع الإلكتروني، مشددا على أن رقمنة التجارة القريبة من المواطن لم تعد ترفا بل أصبحت ضرورة اقتصادية واجتماعية لضمان استدامة هذا القطاع الحيوي.
وحسب مصادر إعلامية أوضح حجيرة، الذي تحدث نيابة عن الوزير رياض مزور، أن تمكين المحلات الصغيرة من أجهزة الدفع الإلكتروني من شأنه تسهيل المعاملات، ورفع الدخل اليومي للتجار، خاصة في ظل المنافسة الشرسة التي تفرضها المتاجر الكبرى، والتي تبنت الرقمنة مبكرا, كما دعا الدولة إلى اتخاذ تدابير ملموسة لحماية هذه الشبكة التجارية التي تشكل عصب الحياة اليومية في الأحياء الشعبية والحضرية، من التهميش والانقراض التدريجي.
وتعد شبكة “مول الحانوت”، التي تمثل حوالي 80% من نقط البيع في المغرب، عنصرا استراتيجيا في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية، غير أن هيمنتها بدأت تتراجع بفعل تقدم المتاجر الكبرى التي استثمرت في وسائل الدفع الحديثة، في استجابة لتوصيات بنك المغرب الرامية إلى تقليص الاعتماد على النقد، وتوسيع نطاق الأداء الإلكتروني.
وحسب المصادر ذاتها, وفي الاتجاه نفسه، أعلن بنك المغرب عن جملة من الإجراءات لتعزيز التحول الرقمي في التجارة المحلية، تشمل إحداث صندوق دعم خاص بالتجار، وتطوير منصة وطنية للدفع الفوري، وتخفيض رسوم المعاملات، إلى جانب مراجعة مدونة التجارة لتواكب تطور الوسائل الرقمية، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص عبر المركز المغربي للتكنولوجيا المالية.
لكن التحدي الأكبر الذي يواجه هذه الدينامية الرقمية يتمثل في ضعف التكوين وغياب الثقة في المعاملات الإلكترونية لدى فئة واسعة من التجار الصغار وزبنائهم، ممن لا يزالون يفضلون الدفع نقدا. وهو ما يفرض تعبئة شاملة من الدولة والقطاع المالي والمجتمع المدني من أجل إنجاح هذا التحول وضمان ألا يبقى “مول الحانوت” خارج مسار التحديث الرقمي للاقتصاد الوطني.