دخلت الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على معظم شركاء بلاده التجاريين حيّز التنفيذ في 7 غشت الجاري، لكن أثرها على المبادلات مع عدد من الدول الإفريقية بدأ فعلياً منذ إعلانها في 3 أبريل، خلال ما سماه ترامب بـ”يوم الحرية”. في ذلك اليوم، عرض الرئيس الأميركي قائمة برسوم إضافية، تشمل نسبة عامة قدرها 10% على كل الشركاء، مع نسب مرتفعة جداً لبعض الدول الإفريقية مثل ليسوتو (50%)، مدغشقر (47%)، موريشيوس (40%) والجزائر (30%)، مبرراً هذه الخطوة بما وصفه بـ”نهب” الاقتصاد الأميركي من قبل دول قريبة وبعيدة.
الإعلان المفاجئ أدى إلى تراجع حاد في الأسواق، ما دفع ترامب بعد أسبوع إلى إعلان وقف مؤقت لمدة 90 يوماً قبل التطبيق الفعلي، من أجل التفاوض بشكل ثنائي مع كل دولة. هذه المهلة سمحت لواشنطن بانتزاع تنازلات كبيرة من بعض الدول مقابل تخفيف الرسوم المعلنة في البداية، وإن كانت الفاتورة النهائية ما زالت ثقيلة على عدد من الاقتصادات الإفريقية.
الأرقام الصادرة عن الإدارة الأميركية في 5 غشت 2025، والمقارنة بين يونيو وما قبل الإعلان في مارس، أظهرت تراجعاً كبيراً في قيمة المبادلات مع دول مثل جنوب إفريقيا، المغرب، وساحل العاج. وفي المقابل، ارتفع حجم التبادل التجاري مع نيجيريا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومصر، ما يعكس تغيراً ملحوظاً في خريطة التجارة بين الولايات المتحدة وإفريقيا حتى قبل دخول الرسوم حيّز التنفيذ.
التأثير الأكبر يبرز في جانب واردات المنتجات الإفريقية إلى السوق الأميركية، حيث سُجلت الانخفاضات الأكثر وضوحاً في جنوب إفريقيا، نيجيريا، والمغرب، إلى جانب دول أخرى مثل أنغولا، مصر، وساحل العاج. هذا التحول لا يمكن فصله عن المناخ الجديد من الحذر التجاري والضغوط التفاوضية التي فرضتها إدارة ترامب.
ورغم أن هذه البيانات لا تأخذ في الحسبان العوامل الموسمية، فإنها تكشف بوضوح عن إعادة تشكيل للتوازنات التجارية بين الولايات المتحدة والعديد من الدول الإفريقية، ما ينذر بمرحلة جديدة من العلاقات الاقتصادية قد تفرض على هذه الدول إعادة النظر في استراتيجياتها التصديرية وأسواقها البديلة.
