رسالة ملكية تؤكد التزام المغرب بتنمية إفريقيا وتفعيل التضامن القاري

في خطوة تعكس المكانة المركزية التي تحتلها القارة الإفريقية ضمن أولويات المملكة المغربية، وجه الملك محمد السادس، اليوم الأحد فاتح يونيو 2025، رسالة سامية إلى المشاركين في دورة 2025 من ملتقى “إبراهيم لنهاية الأسبوع حول الحكامة”، الذي تحتضنه مدينة مراكش، وتلاها المستشار الملكي أندري أزولاي. وقد حضر هذا الحدث نخبة من الشخصيات الدولية البارزة في مجالات السياسة والاقتصاد والمجتمع المدني، في لحظة فارقة للتأمل الجماعي في مستقبل القارة.

الرسالة الملكية أبرزت الدور الريادي للمغرب كقوة اقتراحية وفاعل محوري في صياغة الرؤى التنموية لإفريقيا، مشددة على ضرورة تعبئة الموارد وإصلاح النظم الاقتصادية والمالية القارية بما ينسجم مع تطلعات الشعوب الإفريقية المشروعة نحو الازدهار والعدالة الاجتماعية. كما حيّا الملك جهود محمد إبراهيم ومؤسسته في إذكاء النقاش حول سبل تمويل التنمية وتعزيز الحكامة، معتبراً هذا الملتقى فضاءً استراتيجياً لإعادة التفكير في مستقبل القارة.

وفي تحليله للتحديات الراهنة، أشار الملك محمد السادس إلى تعقيدات المشهد الدولي وتداعيات الأزمات المتعددة التي تزيد من حدة التفاوتات بين الدول، ما يهدد بإعاقة تحقيق أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030. غير أن العاهل المغربي أكد على أن هذه التحديات يجب أن تُحوَّل إلى فرص، من خلال إرساء سياسات تنموية تعتمد على القدرات الذاتية وتراهن على الحلول المحلية.

وفي هذا السياق، طرحت الرسالة أربع ركائز أساسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في إفريقيا. تمثلت الركيزة الأولى في إعادة النظر في نموذج تمويل التنمية عبر تعبئة الموارد الداخلية، واستثمار التحويلات المالية للجاليات، وتطوير أدوات تمويل مبتكرة تقلّص الاعتماد على التمويلات الخارجية. أما الركيزة الثانية، فقد دعت إلى تحسين المناخ المؤسساتي عبر تسريع الإصلاحات، وتكريس مبادئ الشفافية ومحاربة الفساد، مع تحفيز مناخ الأعمال وحماية الاستثمارات.

كما أبرزت الرسالة الملكية أهمية تفعيل منطقة التبادل الحر القارية، وجعل التكامل الاقتصادي أولوية استراتيجية، في ركيزة ثالثة ترتكز على إنعاش المبادلات التجارية بين دول القارة وتعزيز مرونة اقتصادياتها. فيما دعت الركيزة الرابعة إلى تثمين الموارد الطبيعية الإفريقية عبر التصنيع المحلي، وخلق سلاسل قيمة ذات مردودية، وتوسيع فرص الشغل من خلال توطين الصناعات والتحول نحو اقتصادات إنتاجية.

وفي معرض استعراضه للجهود المغربية في هذا المسار، سلط الملك محمد السادس الضوء على المبادرات المهيكلة التي تقودها المملكة، كخط أنبوب الغاز الأطلسي، والمبادرة الأطلسية لدول الساحل، ومسلسل الرباط، إلى جانب إبراز خبرة المغرب في مجالات حيوية كالفلاحة المستدامة، الطاقات المتجددة، والخدمات المالية، مشيرًا إلى دور صندوق محمد السادس للاستثمار في دعم النمو الاقتصادي وتمكين المقاولات.

وفي ختام الرسالة، شدد الملك على أن التنمية ليست شعارًا، بل مسؤولية جماعية تتطلب التزامًا سياسيًا قويًا، وتعاونًا إقليميًا ودوليًا فاعلًا. كما دعا إلى تعزيز الحضور الإفريقي في الهيئات المالية الدولية، وضمان التمويلات الميسرة التي تستجيب لخصوصيات القارة، مشيرًا إلى أهمية المؤتمر الدولي الرابع حول تمويل التنمية، المرتقب عقده بإشبيلية، كفرصة لإعلاء صوت إفريقيا في المحافل الدولية، وإبراز حاجياتها التنموية بجرأة ووضوح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

عطب مفاجئ في النظام البنكي للبنك الشعبي يثير مخاوف الزبناء

المنشور التالي

بيراميدز يصنع التاريخ و يتوج بدوري أبطال أفريقيا لأول مرة

المقالات ذات الصلة