يقدم المخرج المغربي عمر جدلي إسهاما نوعيا للمشهد المسرحي من خلال عمله الجديد “قايد الواد”، الذي يندرج تحت قالب التراجيديا-الكوميدية المركبة.
ويستهدف العرض تفكيك العلاقة الشائكة بين الإنسان والسلطة، متخذا من قصة “القايد” الطاغية منطلقا لغوص عميق في مفاهيم القوة والطغيان وكيف تستباح العاطفة أمام الرغبة المحمومة في السيطرة.
هذا العمل لا يكتفي بسرد حكاية، بل يعيد مساءلة حدود الجبروت حين يصطدم بقوة المقاومة النابعة من الحب والقيم الإنسانية.
وتتميز البنية الدرامية لـ”قايد الواد” بالكثافة والتشابك، حيث تنطلق من قرار “القايد” بإنهاء حياة حبيب يامنة عقابا لرفضها، لتتصاعد الأحداث على مدى عشر سنوات.
عودة الحبيب في هيئة جديدة (مبروك، خادم الزاوية) تزامنا مع ظهور معروف، الابن الأحدب والمخفى للقايد، تخلق تقاطعات سردية معقدة داخل فضاء الزاوية، حيث تتصاعد الرغبة الجماعية في الانتقام.
وتبلغ ذروة الصراع داخل قلعة السلطة، مجسدة مواجهة مكشوفة تفضح ببراعة زيف ونهاية الطغيان فاقد الشرعية.
ولضمان تجربة فرجوية متكاملة، اعتمد جدلي على رؤية إخراجية محكمة، مستخدما الحوارات المكثفة والأداء الجسدي والتعبيري.
وقد ضم العمل كوكبة من الوجوه المسرحية ذات الخبرة والحضور القوي، على رأسها جواد العلمي، حميد مرشد، مونية لمكيمل، وعبد الرحيم المنياري. كما تم تدعيم العرض بعناصر تقنية احترافية في تصميم الإنارة (أنس فييتح)، والمؤثرات الصوتية (عبد اللطيف رداجي)، وتوزيع الأغاني (مصطفى جرويح)، مما يعزز التوتر الداخلي ويمنح العمل عمقا فنيا يتجاوز حدود الحكاية التقليدية، ويؤكد على مكانته كإضافة وازنة للموسم المسرحي.