حين تتضارب الفتاوى وتضيع البوصلة.. من نصدق؟

عادة ما احرص على اخد الفتوى من شيوخ أنا على ثقة بهم وبعلمهم، ولم أكن أسترسل في البحث أو المقارنة فثقتي كانت كافية لأطمئن لما أسمعه وأبني عليه قراراتي الدينية.

لكن في الآونة الأخيرة، بدأت ألاحظ شيئا أثار حيرتي شيخ يورد حديثا كدليل على فتوى او موقف، يأتي بعده آخر ليطعن في صحته او بقوله ضعيف أو لا أصل له، وأحيانا يقال ان الحديث نفسه لم يعد مناسبا لزمننا.

هنا بدأت الأسئلة تنهمر كيف أفرق بين الحديث الصحيح والضعيف؟ وهل الفتوى تتغير بتغير الشيخ؟ ام الدين من المفترض أن يكون ثابتا في أصوله؟ ام اصبح خاضعا لاجتهادات متضاربة حسب الزمان والمكان؟

ما دفعني إلى الكتابة حول هذا الموضوع هو “ترند الأنمي” أو الصور التي يجري تداولها بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام على شكل كرتوني أو رسوم متحركة، وخلال متابعتي صادفت فتوى لأحد المشايخ يرى تحويل الصور إلى كرتون و التصوير عموما محرم شرعا مستندا إلى كونه من باب “مضاهاة خلق الله” ومحاكاته .

في المقابل وجدت رأيا آخر لشيخ يفيد بأن تصوير الأشخاص أو تحويل الصور إلى رسوم كرتونية لا يدخل في التحريم المقصود في النصوص بل إن تحريم التصوير ارتبط بمرحلة زمنية معينة كان يخشى فيها من العودة إلى عبادة الأصنام أما اليوم فقد تغيرت السياقات وأصبح التصوير وسيلة توثيق وتعبير لا تقترن بالمعاني الوثنية.

 الاختلاف لا يقتصر فقط على هذا الموضوع، بل نجده حاضرا في أغلب القضايا الدينية فكلما تعمقنا في البحث ازداد التباين، حتى كتب الحديث والسيرة التي اعتبرت لقرون مصادر موثوقة أصبحت اليوم محل جدل وتساؤل، فعلى سبيل المثال كتاب “صحيح البخاري” الذي يعد عند جمهور العلماء أصح كتاب بعد القرآن الكريم، أثير حوله الكثير من التساؤلات كيف استطاع الإمام البخاري أن يجمع كل هذا العدد من الأحاديث؟ وهل من المعقول ألا يكون قد أخطأ في جمعها و نقلها؟ خصوصا أن هناك أحاديث يصعب تصديقها.

من نصدق؟ ومن نثق به؟ ومن أين نأخذ أحاديث ديننا ؟ هل نكتفي بما رواه السابقون؟ أم نعتمد على العلماء المعاصرين؟ أم نحاول الاجتهاد بأنفسنا؟ لكن في حال قررنا أن نجتهد، هل نمتلك فعلا الأدوات والمعرفة ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

الحرب التجارية تدخل مرحلة الخطر: واشنطن وبكين على حافة التصعيد

المنشور التالي

مجزرة 7 أبريل 1947: تضحيات “البيضاويين” من أجل الحرية والاستقلال

المقالات ذات الصلة