حكامة تدبير المياه.. رهان أساسي لتحقيق الاستدامة

شهدت المملكة المغربية في الأسابيع الأخيرة، ولله الحمد، تحسنًا ملحوظًا في نسبة ملء السدود، حيث ارتفعت إلى 34.81 في المائة، وبلغ المخزون الإجمالي حوالي 5.86 مليار متر مكعب، بفضل التساقطات المطرية الأخيرة. ورغم هذا التحسن، فإن التحديات المرتبطة بإدارة الموارد المائية لا تزال قائمة، مما يستدعي اعتماد استراتيجيات مستدامة للحفاظ على هذه الثروة الحيوية، وضمان استمراريتها أمام التغيرات المناخية وزيادة الطلب على المياه.
ويُعد تدبير الفرشة المائية بشكل رشيد ضرورة قصوى لتجنب استنزافها، خاصة في ظل الاستغلال العشوائي الذي يهدد توازن الموارد المائية. كما أن تطوير سياسات التخزين وإعادة التوزيع سيسهم في تعزيز الأمن المائي وضمان استفادة جميع القطاعات من هذا المورد الحيوي.
إلى جانب ذلك، يلعب سلوك الأفراد والمجتمع دورًا أساسيًا في الحفاظ على الموارد المائية، ومن اللازم تغيير العادات اليومية المرتبطة بالمياه، وذلك من خلال نشر ثقافة الاقتصاد في الاستهلاك، وتشجيع استخدام تقنيات الترشيد، مثل إعادة استخدام المياه العادمة المعالجة في الري، واعتماد أجهزة تقلل من هدر المياه في المنازل والمصانع. فالمحافظة على هذا المورد الحيوي تتطلب وعيًا جماعيًا وتعاونًا مشتركًا بين الدولة والمجتمع لضمان استدامته للأجيال القادمة.
ولا يمكن تحقيق استدامة المياه دون إدماج ثقافة الترشيد في المناهج الدراسية، مما سيساهم في خلق جيل أكثر وعيًا بهذه الثروة الوطنية. كما أن تعزيز البرامج التوعوية والتربية البيئية يلعب دورًا أساسيًا في نشر سلوكيات مسؤولة تجاه الموارد المائية، سواء داخل الأسرة أو في المؤسسات التعليمية والمجتمعية.
وفي هذا السياق، لا ينبغي انتظار فترات الجفاف لاتخاذ التدابير الاحترازية، بل يجب تبني استراتيجيات وقائية تعتمد على تحسين البنية التحتية المائية، وتشجيع البحث العلمي لإيجاد حلول مبتكرة. فالمياه ليست مجرد مورد طبيعي، بل هي ركيزة أساسية للحياة والتنمية، وحمايتها ضرورة لضمان مستقبل مستدام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

اعتقال الناشط الجزائري رشيد نكاز في مراكش بعد تصريحات مسيئة للمغرب

المنشور التالي

الرباط تحتضن المهرجان الدولي للأفلام الأثرية والتراثية

المقالات ذات الصلة