أظهر أحدث تصنيف عالمي صادر عن منظمة “مراسلون بلا حدود”، يومه الجمعة 2 ماي 2025، أن حرية الصحافة في العالم تمر بأسوأ مراحلها على الإطلاق. وجاء التقرير قبيل اليوم العالمي لحرية الصحافة (غدا السبت)، ليؤكد أن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون في دول تصنف على أن أوضاع الصحافة فيها “خطيرة للغاية”، في مؤشر يعكس اتساع رقعة الاستبداد وتفاقم التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه نساء ورجال الإعلام.
وقد واصلت أوروبا تصدرها للمشهد العالمي كأكثر المناطق التي تتيح حرية العمل الصحافي، حيث احتفظت النرويج بالمركز الأول للسنة التاسعة على التوالي، ثم تلتها إستونيا وهولندا. وفي المقابل، تقبع الصين وكوريا الشمالية وإريتريا في ذيل الترتيب العالمي بين المراكز من 178 إلى 180. ولفتت المنظمة إلى أن “الوضع الجيد” لحرية الصحافة لا ينطبق سوى على سبع دول فقط، جميعها أوروبية، مما يسلط الضوء على الفجوة المتزايدة بين الديمقراطيات الراسخة والدول التي تعيش تحت أنظمة قمعية أو سلطوية.
ومن بين أبرز الدول التي شهدت تراجعات لافتة، نجد غينيا التي هبطت 25 مرتبة بسبب القيود الشديدة على الإعلام، والأرجنتين التي خسرت 21 مرتبة نتيجة للتدهور السياسي والاقتصادي. أما فلسطين، فقد تراجعت ست مراتب لتصل إلى المركز 163، في ظل قتل الجيش الإسرائيلي لقتل نحو 200 صحافي، مما يعكس خطورة الأوضاع التي يواجهها الصحافيون في مناطق النزاع.
وفي ألمانيا، التي خرجت من قائمة العشر الأوائل لأول مرة وهبطت إلى المركز 11، رصد التقرير بيئة عمل عدائية متزايدة تجاه الإعلاميين، خاصة بسبب تصاعد عنف اليمين المتطرف، والقيود التحريرية التي واجهها الصحافيون خلال تغطيتهم للصراع في الشرق الأوسط, كما أشار التقرير إلى التدهور الاقتصادي الذي يضرب المؤسسات الإعلامية الألمانية، ما يهدد استدامة الصحافة الحرة حتى في قلب أوروبا.
أما في الولايات المتحدة، فقد تراجعت حرية الصحافة بمرتبين لتحتل المرتبة 57، حيث ألقت المنظمة باللوم على عودة دونالد ترامب إلى السلطة، مشيرة إلى “هجماته اليومية” على الإعلام، وتفكيك مؤسسات إعلامية عامة، وتجميد الدعم المالي الدولي، وهو ما أدى إلى أزمة اقتصادية حادة طالت مئات وسائل الإعلام، لا سيما في مناطق حساسة مثل أوكرانيا. وأكدت المديرة التنفيذية للمنظمة، أنيا أوسترهاوس، أن تجفيف الموارد المالية يشكل تهديدا وجوديا للصحافة الحرة، داعية إلى تعزيز البنية الاقتصادية للصحافة المستقلة التي تبقى “شوكة في خاصرة الحكام السلطويين”.