تشهد العلاقات بين موريتانيا ومالي في الفترة الأخيرة تصعيدًا خطيرًا عقب سلسلة من الأحداث التي أدت إلى تبادل الإجراءات العقابية بين البلدين. حيث بدأت الأزمة بعد تقارير عن تعرض مواطنين موريتانيين لأعمال عنف داخل الأراضي المالية، مما أثار استياء واسعًا في نواكشوط ودفع السلطات الموريتانية إلى تشديد الرقابة على دخول الماليين إلى أراضيها. هذا القرار قوبل برد فعل غاضب في مالي، حيث شهدت العاصمة باماكو احتجاجات، تخللتها دعوات للتصعيد ضد الموريتانيين المقيمين هناك، ما أدى إلى إغلاق العديد من محلاتهم التجارية.
ومن أبرز الشخصيات التي ساهمت في تأجيج هذه الأزمة مالا ديارا، الناشط المالي المعروف بخطابه القومي المتشدد. ولعب ديارا دورًا أساسيًا في التحريض على التصعيد ضد الموريتانيين في مالي، حيث دعا في تصريحات علنية إلى فرض إجراءات صارمة ضدهم ردًا على ما وصفه بـ”المعاملة غير العادلة” للماليين في موريتانيا. وقد ساهمت هذه التصريحات في تفاقم الأوضاع، مما أدى إلى انتشار موجة من التضييق على التجار الموريتانيين وإغلاق محلاتهم التجارية في مالي.
في المقابل، سعت الحكومة المالية إلى تهدئة الوضع من خلال إعلان إجراءات لدعم مواطنيها في موريتانيا، تضمنت إرسال بعثة رسمية لمتابعة أوضاعهم، وإعفاء المهاجرين الماليين من بعض الرسوم الإدارية المتعلقة بالإقامة. غير أن هذه التحركات لم تكن كافية للسيطرة على الموقف، حيث واصلت المجموعات المتأثرة بالأزمة في كلا البلدين ممارسة الضغوط على الحكومتين لاتخاذ قرارات أكثر حزمًا، ما زاد من تعقيد المشهد.
ومع استمرار حالة التوتر، يخشى المراقبون من تأثير هذه الأزمة على العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، خاصة أن المناطق الحدودية تعتمد بشكل كبير على التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي. إذا لم يتم احتواء الموقف بسرعة عبر قنوات دبلوماسية فعالة، فقد تتطور الأزمة إلى مستوى أكثر خطورة، ما قد ينعكس سلبًا على الاستقرار الإقليمي في منطقة الساحل التي تعاني أصلًا من تحديات أمنية وسياسية متزايدة.