خرج وزير الشباب والثقافة والتواصل، المهدي بنسعيد، عن صمته بخصوص التسجيلات المسربة المنسوبة لاجتماع لجنة أخلاقيات المجلس الوطني للصحافة، والتي فجّرت موجة واسعة من الجدل في الأيام الأخيرة. وأكد الوزير، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب اليوم الاثنين، أن تدبير مثل هذه الملفات يجب أن ينطلق من مبدأ احترام المؤسسات وتعزيزها، لا العكس.
وشدّد بنسعيد على أن “الأساس هو الإيمان بالمؤسسات”، مضيفاً: “قد نختلف وقد تظهر إشكالات، لكن المهم هو تقوية المؤسسات لا هدمها”. واعتبر أن المسار الديمقراطي الذي عرفه قطاع الصحافة منذ سنة 2003 يعدّ “مساراً متقدماً”، داعياً إلى تطوير “السلطة الرابعة” وتمكينها من الأدوات القانونية والمالية لضمان استقلاليتها وفاعليتها.
وأضاف قائلاً: “أي ممارسات تنحرف عن هذا التوجه وعن أخلاقيات التدبير والسياسة لا يمكن القبول بها، ولهذا نحن مع تقوية المجلس الوطني للصحافة لا إضعافه”. وبخصوص النقاش حول إمكانية حل المجلس، أوضح الوزير أنه “مكسب مؤسساتي لا يجوز التراجع عنه”، مشدداً على أن استقلالية الصحافة ثمرة مسار طويل ولا ينبغي التفريط فيها.
وأوضح بنسعيد أن مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة يوجد حالياً بمجلس المستشارين، وأن المجلس، من الناحية القانونية، يشتغل اليوم فقط ضمن “استمرارية الإدارة” دون صلاحيات تقريرية. وأكد أن دخول القانون الجديد حيز التنفيذ سيُحدث “هيئة جديدة بصلاحيات واضحة تتجنب الإشكالات القائمة”.
كما أكد أن المجلس هيئة مستقلة لا يمكن للحكومة التدخل في مهامها، قائلاً: “إذا كان النقاش يتجه نحو إعادة صلاحيات المجلس للحكومة فهذا أمر آخر، لكنني أعتقد أننا تجاوزنا تلك المرحلة”. وأشار إلى أن النخبة التي تُدير القطاع حالياً جاءت نتيجة توافق وطني سنة 2018، وتجديدها مستقبلاً شأن يخص الجسم الصحافي عبر انتخابات قانونية وشفافة.
وتأتي تصريحات الوزير في ظلّ مطالب سياسية وحقوقية بفتح تحقيق نزيه في الفيديو المسرب المنسوب للجنة الأخلاقيات التابعة للجنة المؤقتة لتسيير شؤون الصحافة، والذي اعتبره منتقدون متضمناً لعبارات غير لائقة وتلميحات توحي بـ“استهداف الصحافي حميد المهداوي”، معتبرين ذلك مساساً بروح التنظيم الذاتي وخرقاً لأخلاقيات المهنة.
وتترقّب الأوساط الإعلامية والحقوقية مآلات هذا الملف وسط الجدل المستمر حول مستقبل المجلس الوطني للصحافة، ودور الدولة في توفير بيئة قانونية ومهنية تضمن حرية التعبير واستقلالية المؤسسات التنظيمية.