سجلت تحويلات مغاربة العالم ارتفاعًا غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، حيث تضاعفت من حوالي 60 مليار درهم سنة 2019 إلى ما يفوق 120 مليار درهم سنة 2024، وفق آخر البيانات الصادرة عن بنك المغرب. هذا التطور اللافت يعكس الثقة المتزايدة لمغاربة الخارج في اقتصاد بلدهم، لكنه في المقابل يطرح تساؤلات حول كيفية توجيه هذه الموارد الضخمة نحو مشاريع إنتاجية واستثمارات خالقة للثروة.
وفي تصريح خصّ به THE PRESS، أوضح الخبير الاقتصادي محمد جدري أن تحويلات مغاربة العالم تشكل ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد الوطني، إذ توفر فائضًا من العملة الصعبة يساهم في تمويل الواردات، كما تعزز السيولة البنكية وتدعم القدرة الشرائية لعدد كبير من الأسر المغربية.
لكن بالرغم من هذا التطور ، يرى جدري أن استغلال هذه التحويلات ما يزال دون المستوى المطلوب، حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي 65% منها تُخصص لتغطية حاجيات الأسر اليومية، فيما يُوجَّه ما بين 25 و30% إلى الادخار، وتُستثمر فقط 10%، منها أقل من 1% في مشاريع منتجة تُوفر فرص شغل. وأوضح أن النسبة الأكبر من الاستثمارات ما تزال تتركز في العقار، وهو ما لا يُسهم بشكل فعال في إحداث دينامية اقتصادية حقيقية.
وأكد الخبير الاقتصادي على ضرورة تفعيل عرض وطني مخصص للجالية المغربية من أجل تشجيعهم على توجيه تحويلاتهم نحو مشاريع استثمارية إنتاجية. وأشار إلى أن المغرب يتوفر اليوم على إمكانية تعبئة ما بين 30 و50 مليار درهم من هذه التحويلات، شريطة توفير بيئة مناسبة وتسهيلات واضحة، خصوصًا أن مغاربة العالم يتوفرون على كفاءات عالية في مجالات الرقمنة والتكنولوجيا، ما يتيح إمكانية نقل هذه الخبرات إلى المملكة المغربية.
وأضاف أن الأبناك المغربية، والسلطات المحلية، والمراكز الجهوية للاستثمار، مطالبة ببذل مجهودات إضافية لتشجيع مغاربة العالم، من خلال إعداد برامج استثمارية جهوية، ومواكبتهم، وتسهيل الولوج إلى التمويلات البنكية، إلى جانب إخراج المرسوم المتعلق بميثاق الاستثمار المخصص للجالية المغربية المقيمة بالخارج.
وختم الخبير الاقتصادي تصريحه بالتأكيد على ضرورة توجيه تحويلات مغاربة العالم، سواء بصفتها عملة صعبة أو موارد مالية، نحو استثمارات خالقة للثروة، منتجة للقيمة المضافة، والأهم من ذلك، قادرة على خلق فرص شغل لفائدة الشباب المغربي.
