في الطب النفسي هناك عدة أنواع من الاكتئاب، لكن الاكتئاب الذي يصيب النساء بعد ولادة الطفل يعد من أخطر الأنواع خاصة إذ ترك من غير علاج، لتأثيره الكبير على صحة الأم والطفل معا، بحيث يمكن أن تفقد الأم القدرة على الاعتناء بنفسها وطفلها، نتيجة الإرهاق النفسي والجسدي الذي كانت تعاني منه طيلة فترة الحمل إضافة إلى المسؤولية الجديدة التي أصبحت على عاتقها .
ظهور الاكتئاب ما بعد الولادة يكون نتيجة مجموعة من العوامل، وفقا لما ذكرته الإخصائية النفسية وباحثة في علم النفس الاجتماعي بشرى المرابطي في تصريح لموقع THE PRESS, بحيث يكون العامل البيولوجي هو السبب الرئيسي وراء إصابة الأم بالاكتئاب إثر التغيرات الهرمونية التي تسيطر عليها خلال فترة الحمل والولادة، ويمكن في بعض الأحيان أن يكون العامل الوراثي سببا، وذلك في حالة كانت ظاهرة الاكتئاب بعد الولادة مألوفة في العائلة ، أو سبق للأم أن عانت من اضطرابات نفسية، كما تساعد الظروف النفسية التي تكون سيئة خلال مرحلة الحمل في ظهور الاكتئاب.
وأضافت بشرى أن فترة النفاس تكون صعبة للغاية، لكن العادات والتقاليد المغربية تجعل من هذه المرحلة أصعب لأنها تزيد من حدة الأزمة النفسية للأم، وسط بيت يعج بالحركة والزيارات غير المنقطعة، تحت وطأة ظروف لا ترحم، في النهاية تجد المرأة نفسها وجهًا لوجه مع اكتئاب ما بعد الولادة.
الاضطراب النفسي بعد الإنجاب له عدة أعراض تظهر تدريجيًا على الأم، أبرزها الامبالاة، مع ظهور اضطرابات في الشهية والنوم إذ تشعر بالتعب والخمول الشديد الذي يكون مختلف كليا عن الذي تعيشه النساء في فترة النفاس، كما ينتابها الإحساس بالذنب عكس المرأة التي تكون في حالة انتشاء لرؤية طفلها وبما أنجزته ومرت فيه في فترة الحمل.
وإجابة على سؤال هل يمكن للأم إيذاء نفسها أو طفلها، فقد قالت الأخصائية النفسية أن الأم تبدأ بإهمال الرضيع وعدم إبداء أي انفعال تجاه بكائه، ففي بعض الأحيان تراودها أفكار سلبية تجاه المولود إذ ترغب في إيذائه، كما تتبادر الأفكار الانتحارية إلى ذهنها، لذلك يجب على أفراد العائلة توخي الحذر من هذه المؤشرات، فمن المتوقع أن يؤدي الاكتئاب إلى مضاعفات وتدخل هذه المرأة في حالة هوس اكتئابي، ويكون هذا صعب جدا على صحتها النفسية، ومن الممكن أيضا أن يتوقف الأمر إذ لم تكن هناك أعراض إيذاء الجنين أو الذات،وتبدأ بالانخفاض بعد مرور أسبوعين.
عند اشتداد أعراض اكتئاب الأم بعد الولادة، شددت بشرى على زيارة الطبيب النفسي لإستقرار حالة الأم النفسية من خلال أخد الأدوية العلاجية الازمة، ومن الضروري أيضا تلقي حصص علاج نفسي، كما نصحت الإخصائية بتخفيف ضغط الأشخاص المتواجدين معها في البيت، مع توفير الدعم المعنوي من أفراد العائلة، وعدم تركها رفقة الرضيع إلا عند الرضاعة.
وحذرت بشرى من لوم المرأة على الحالة التي هي فيها، لأنها حالة بيولوجية وليست نفسية لكي لا تعتقد أنها المسؤولة على ما يحدث، وتشعر بتأنيب الضمير. ومن الازم توقيف جميع احتفالات المتعلقة بالعقيقة حتى تتمكن الأم من استرجاع صحتها وحالتها النفسية.
ختاما وجهت المرابطي رسالة تنصح فيها بالتوعية بهذه الأمور التي تخص النساء الحوامل وحديثات الولادة، من خلال البرامج الإذاعية، وبث وصلات إشهارية طبية، لتظهر الحالة النفسية التي تعيشها الأم بعد الولادة، إلى جانب توفير خلية معينة للمرأة بعد الإنجاب من طرف المستشفيات، لتثقيف النساء والرجال خاصة بهذه المسائل.
في فترة قصيرة بعد الولادة، تزداد حلات الطلاق، نتيجة الضغوط النفسية والجسدية الكبيرة التي تواجهها الأم، إلى جانب انخفاض رغبتها الجنسية وفي كثير من الأحيان حين لا يكون الزوج واعيا بالتغيرات النفسية التي تمر بها زوجته خلال هذه المرحلة الحساسة.