في أجواء تبدو أقل صخباً من المعتاد، يستعد حزب العدالة والتنمية لعقد مؤتمره الوطني التاسع يومي 26 و27 أبريل الجاري بمدينة بوزنيقة. فبعد مرور ما يقرب من سنة على انطلاق التحضيرات في مارس 2024، أنهت اللجنة التحضيرية أشغالها، حيث يُنتظر أن تقدم حصيلة عملها في ندوة صحافية مرتقبة صباح الأربعاء.
ورغم الطابع “الهادئ” الذي طبع منهجية اللجنة التحضيرية، بحسب ما صرح به قيادي بالحزب لموقع THE PRESS، فإن الغياب اللافت للنقاشات الصاخبة التي عادة ما تسبق مؤتمرات الحزب، يطرح تساؤلات حول الأجواء التنظيمية الداخلية والرهانات السياسية المستقبلية.
مؤتمر ببرودة غير معهودة
ووفق المعطيات التي استقيناها من مصادرنا داخل الحزب، فقيادة العدالة والتنمية تتحرك بقدر كبير من الحذر لتأمين انعقاد المؤتمر وإنجاحه، وهو ما أفرز ـ بحسب تعبير أحد القياديين ـ نوعاً من “الخوف من النقاش”، تجنباً لأي تصعيد قد يعرقل هذا الاستحقاق التنظيمي الحاسم. غير أن هذا الهدوء، الذي قد يبدو للبعض دليلاً على النضج، يخفي في الواقع مشهداً داخلياً مركباً يتسم بالفتور السياسي وغياب الدينامية التي كانت تطبع الحزب في محطاته السابقة.
أزمة سردية داخلية وانسحاب رموز بارزة
واحدة من أبرز الأسباب التي تُفسر هذا البرود، بحسب بعض مسؤولي الحزب، تعود إلى عدم استجابة الأمين العام عبد الإله بنكيران للنداءات المتكررة من أجل فتح نقاش جماعي لتقييم المرحلة السابقة، بدءاً من أزمة “البلوكاج” الحكومي سنة 2016، مروراً بالهزيمة الثقيلة في انتخابات 8 شتنبر 2021، وصولاً إلى التوترات التي طالت قيادات بارزة داخل الحزب. هذا الإحجام عن النقد الذاتي الجماعي أدى إلى نوع من القطيعة بين التيارات الداخلية، وعزز انسحاب العديد من القيادات بصمت، إما احتجاجاً على بنكيران شخصياً أو رفضاً لطريقته في إدارة الشأن الحزبي.
بعض هذه القيادات تتهم الأمين العام الحالي بتبني مواقف “معارضة” للحكومة السابقة التي ترأسها سعد الدين العثماني، وصلت إلى حدود التشهير ببعض الوجوه البارزة و”الاغتيال المعنوي” لها. بينما يعتبر آخرون أن تركيز بنكيران على ثلاثية التطبيع، تقنين القنب الهندي، والقانون الإطار للتربية والتكوين كسبب مباشر للهزيمة، هو نوع من التبسيط الذي يُقصي روايات أخرى لا تجد من يعبر عنها داخل مؤسسات الحزب.
في ظل هذه المعطيات، يترقب الرأي العام والمتابعون للشأن الحزبي الوطني ما سيحمله المؤتمر الوطني التاسع، ليس فقط من حيث النتائج التنظيمية، ولكن من حيث قدرته على إعادة بعث نفس سياسي داخل حزب فقد الكثير من زخمه في السنوات الأخيرة. فهل سيفتح المؤتمر الباب أمام مصالحة داخلية واستعادة الوضوح الاستراتيجي؟ أم أنه سيكون مجرد محطة شكلية تكرّس الجمود والانقسام؟