نشرت موسكو، أول أمس الثلاثاء، وثيقة جديدة وقعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحمل عنوان “استراتيجية سياسة روسيا الوطنية حتى عام 2036”، وتتضمن توجها صريحا لترسيخ الهوية واللغة الروسية في المناطق الأوكرانية التي أعلنت روسيا ضمها منذ بدء الهجوم العسكري في 2022. وتشدد الوثيقة على ضرورة اتخاذ إجراءات تضمن أن تصبح الغالبية الساحقة من سكان هذه المناطق روسية الهوية بحلول 2036.
وترى روسيا أن هذه المناطق تمتد جذور ارتباطها التاريخي والثقافي بها إلى ما قبل الحقبة السوفييتية، بينما تشير تحليلات حديثة إلى تراجع كبير في استخدام اللغة الروسية داخل أوكرانيا منذ اندلاع الحرب، مع انخفاض واضح في التعاطف الشعبي تجاه موسكو.
وفي سياق متصل، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعداد كييف للانخراط في خطة مدعومة أميركيا لإنهاء الحرب، رغم المخاوف الأوكرانية من إمكانية فرض تسوية تتضمن تنازلات إقليمية لصالح روسيا.
وكان بوتين قد أطلق “العملية العسكرية الخاصة” في فبراير 2022 بزعم القضاء على “النازية الجديدة” وحماية الناطقين بالروسية شرق أوكرانيا، وفق خطاب الكرملين. وبعد ستة أشهر، أعلنت موسكو ضم دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا من جانب واحد، رغم أن السيطرة العسكرية عليها ما تزال جزئية.
وتشير الوثيقة الجديدة، التي ستدخل حيز التنفيذ في يناير المقبل، إلى أن إحكام السيطرة على المناطق الشرقية أتاح “استعادة وحدة الأراضي التاريخية للدولة الروسية”. كما تدعو إلى تعزيز الهوية الروسية الجامعة، وترسيخ استخدام اللغة الروسية، والتصدي لما تسميه “محاولات الدول غير الصديقة زعزعة الاستقرار الداخلي وإثارة الانقسامات”.
وتستند موسكو في جزء من خطابها السياسي إلى رفض توسع الناتو شرقا، وإلى ما تعتبره واجبا في حماية الناطقين بالروسية في مناطق تعدها امتدادا لإرثها التاريخي. في المقابل، تشدد كييف منذ استقلالها عام 1991 على أن الأوكرانية هي اللغة الرسمية الوحيدة للبلاد، وتنفي المزاعم الروسية حول التمييز اللغوي، معتبرة اتهامات “النازية الجديدة” جزءا من رواية سياسية تستخدمها موسكو منذ احتجاجات 2014 التي أطاحت بالرئيس الموالي لروسيا آنذاك.
