برصات لTHE PRESS: مخرجات المجلس الوزاري تجاوب مباشر مع الاحتجاجات الشبابية و فرصة للإنخراط في المؤسسات المنتخبة

مازال المشهد السياسي المغربي يشهد تحركات مهمة على ضوء المخرجات الأخيرة للمجلس الوزاري الذي ترأسه الملك محمد السادس، والذي ركز على تعزيز مشاركة الشباب في الحياة السياسية، عن طريق ولوج الشباب سواء عبر الأحزاب أو بشكل مستقل إلى المؤسسات المنتخبة، مع تقديم دعم مالي لتغطية جزء كبير من مصاريف الحملات الانتخابية، وتيسير الإجراءات أمام الكفاءات الشابة.

وفي هذا الصدد صرحت فاطمة الزهراء برصات عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية لموقع THE PRESS, أن مخرجات المجلس الوزاري الأخير هي تجاوب مباشر مع الدينامية التي عرفتها بلادنا مؤخرا من احتجاجات شبابية تفتح أمام الشباب فرصا حقيقية للانخراط في المؤسسات المنتخبة.

وقالت برصات إن القرار يعكس الحاجة إلى إعادة الشباب إلى المؤسسات السياسية بدل الاكتفاء بالاحتجاج على مستوى الشارع، مشيرة إلى أن مطالب الشباب في الاحتجاجات الأخيرة كانت مركزة على قضايا اجتماعية واقتصادية مثل التعليم، الصحة، ومحاربة الفساد، إلا أن التجاوب الملكي يشكل إشارة قوية لأهمية إدماج الشباب في المنظومة السياسية المؤسساتية.

وأضافت برصات أن هناك حاجة ملحة داخل الدولة لاستثمار الطاقات الشبابية من داخل المؤسسات المنتخبة، لا سيما أن هناك هوة بين الشباب والأحزاب السياسية، حيث يرفض العديد الانخراط فيها، لأسباب ذاتية وموضوعية أدت إلى إضعاف العمل الحزبي في البلاد، مما جعل المواطن يضع كل الأحزاب في كفة واحدة، وهو ما خلق هوة شاسعة بين الشباب والفعل الحزبي، لا سيما أن العديد من الأحزاب لم تستطع تطوير آليات اشتغالها لتصبح جاذبة للفئات الشابة للانخراط في صفوفها. 

وأشارت المتحدثة ذاتها أن الرسالة التي يمكن التقاطها من المجلس الوزاري واضحة: الباب مفتوح أمام الشباب إذا أرادوا الترشح عبر الأحزاب السياسية، وإذا لم يقتنعوا بالتزكية الحزبية، يمكنهم الترشح بشكل مستقل، وحتى تأسيس أحزاب جديدة سيكون ميسرا لهم.

وجاءت هذه الإجراءات التحفيزية كذلك، حسب برصات، من أجل تيسير سبل ولوج الشباب إلى المؤسسات المنتخبة، والتعبير من داخلها عن مطالبه المختلفة، لا سيما الشباب الذين يرفضون الانتماء للأحزاب السياسية، والذين تم تيسير إمكانية ترشحهم بشكل مستقل، وبذلك أصبح بإمكان الشباب اليوم التوجه نحو خوض التجربة الانتخابية لولوج المؤسسة التشريعية، سواء بتزكية حزبية أو بدونها، بالإضافة إلى استفادتهم من دعم مالي لتغطية جزء مهم من مصاريف الحملة.

وبالنسبة لتشجيع الشباب على الترشح من داخل الأحزاب السياسية، يستوجب أن تراجع الأحزاب منهجية اشتغالها، لتشجيع دخول الشباب للبرلمان، من خلال تقديم خيرة أطرها الشابة، القادرة على الاضطلاع بأدوار واختصاصات المؤسسة التشريعية، مع حرصها على تجديد نخبها، ليكون الشباب فاعلا أساسيا في الأجهزة القيادية للأحزاب، وأن تكون هذه الأخيرة قادرة على استيعاب هذا الزخم الشبابي الذي يعتبر قيمة مضافة للفعل الحزبي والمؤسساتي ببلادنا.

أما بالنسبة للعودة إلى الترشح بشكل مستقل، تقول برصات انه توجه تم التراجع عنه ببلادنا تدريجيا في العقدين الأخيرين، والذي عاد في هذه المرحلة، أساسا، في إطار التفاعل مع الشباب الرافض للانتماء الحزبي، غير أن هذه الصيغة يمكن أن تطرح مجموعة من الإشكالات، المرتبطة بسؤال الرؤية السياسية والبرنامج والتوجهات السياسية، لأن العملية الانتخابية ليست إجراء تقنيا، وإنما عملية سياسية، تدخل في إطار المسلسل الديمقراطي. علما أن تشجيع الشباب لولوج المؤسسات المنتخبة بشكل مستقل قد يشكل فرصة للاقتناع بأهمية الانخراط في العمل الحزبي فيما بعد، مع ضرورة الحرص ألا تكون، بأي حال من الأحوال، هذه الإجراءات، آلية لإضعاف الأحزاب السياسية، وإفراغها من محتواها، بل يجب أن تكون آلية مصاحبة، غايتها تقوية الأدوار السياسية للأحزاب السياسية والمؤسسات المنتخبة.

و أكدت برصات أن تقديم الدعم المالي للشباب رغم أهميته، يظل غير كاف، في ظل ما تعرفه العملية الانتخابية من ممارسات فاسدة، عبر استعمال “المال الفاسد” والذي يعتبر من بين أهم الأسباب التي جعلت الشباب بعيدا عن المشاركة الانتخابية، ترشيحا وتصويتا، لذلك وبالرغم من أهمية الإجراءات القانونية التي جاء بها مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب لزجر هذه الممارسات، إلا أنه سيكون من الضرورة الضرب بيد من حديد على كل الممارسات الفاسدة على مستوى الواقع، من طرف مختلف المتدخلين في هذه العملية.

وختمت برصات بالوقوف عند ضرورة تطبيق هذه الإجراءات بشكل يقوم على الحكامة في التدبير، للمساهمة في إفراز نخبة شابة بكفاءات عالية، قادرة على إعطاء نفس جديد للمؤسسة التشريعية في المستقبل، مع تأكيدها أن هذه الإجراءات رغم أهميتها، إلا أنها تظل مرحلية، في حين أن بلادنا اليوم في حاجة إلى تعاقد سياسي جديد بين الشباب والدولة، لتحقيق مصالحة حقيقية بينهم وبين الفعل الحزبي والمؤسساتي المنظم، لتعزيز التراكم الذي حققته بلادنا دستوريا، على مستوى تكريس الممارسة الديمقراطية، التي لا يمكن أن تستقيم بدون أحزاب سياسية قوية ومؤثرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

المغرب يراهن على الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتسريع التحول الاقتصادي

المنشور التالي

49 مركزا صحيا حضريا وقرويا حيز الخدمة

المقالات ذات الصلة

شباب فاس على طاولة النقاش: توصيات لتجديد السياسات الترابية وإحياء المشاركة المواطنة

نظم المركز المغربي للشباب والتحولات الديمقراطية، يوم السبت 10 ماي 2025 بمدينة فاس، اللقاء الجهوي الرابع تحت شعار: “الشباب المغربي: الأولويات والتحديات”،…
قراءة المزيد