بحارة الصيد التقليدي بالمغرب بين الهيكلة والتهميش

أكد عبدالكريم الشافعي، رئيس الفدرالية الجهوية لحقوق المستهلك بجهة سوس ماسة، أن قطاع الصيد البحري التقليدي يعيش اليوم واحدة من أسوأ فتراته بسبب ما وصفه بـ”العشوائية والتجارية” التي تطبع تدبير هذا القطاع الحيوي، رغم كونه قطاعا مهيكلا ومهما في الاقتصاد الوطني.

وكشف الشافعي، في تصريح لTHE PRESS، أن أوضاع البحارة الذين يعتبرون الحلقة الأضعف في هذه المنظومة بلغت مستويات مقلقة، حيث يواجهون ظروف عمل قاسية، في ظل غياب تغطية صحية شاملة، وتأمين على الحياة، ناهيك عن حرمان عدد كبير منهم من التأمين الإجباري الأساسي، مما يجعل حياتهم ومصير أسرهم رهينة للخطر اليومي في عرض البحر.

وأوضح المتحدث أن القطاع بحاجة إلى إعادة هيكلة شاملة، تتضمن أولا مراجعة شاملة للنظام الحالي الذي ينظم الصيد التقليدي، وتأهيل البنية التحتية المرتبطة به، وعلى رأسها قرى الصيد التي وصفها بـ”المهمشة”، إلى جانب تجديد وعصرنة الأسطول التقليدي بما يضمن السلامة والإنتاجية في آن واحد.

وشدد الشافعي على ضرورة خلق مشاريع اجتماعية تضمن “الكرامة الاقتصادية” للبحار، مبرزا أن إدماج المرأة في مشاريع مدرة للدخل داخل قرى الصيد، وتكوين وتأهيل البحارة، كفيلان بإعطاء دفعة حقيقية للقطاع وتنميته.

وعاد رئيس الفدرالية للتذكير بالحادث المأساوي الأخير الذي وقع في عرض البحر، والذي أسفر عن فقدان قارب صيد تقليدي ووفاة 17 بحارا لا تزال أسرهم تنتظر أجوبة رسمية. وقال إن هذا الحادث المؤلم يكشف عن هشاشة القطاع، ويستدعي تدخلا عاجلا لإصلاح الاختلالات البنيوية التي تطبع الصيد التقليدي في المغرب.

وفي السياق ذاته، لفت الشافعي إلى أن هناك قرارات “جائرة” تتخذ في حق هذا النوع من الصيد، خصوصا تلك المتعلقة بتحديد نوعية الأسماك المسموح بصيدها، مما يقيد حرية المهنيين ويضر بمردوديتهم. كما أشار إلى أن لوبيات كبرى تعمل على التضييق على نشاط القوارب التقليدية، مع حرمان عدد كبير من المهنيين من التراخيص، ما أدى إلى توقيف قواربهم وتجريد أسرهم من مصدر رزقهم الوحيد.

وطالب الشافعي بإعادة النظر في السياسات القطاعية، داعيا إلى الزيادة في حمولة القوارب، وتجديد الأسطول، ورفع “العلو” (الارتفاع) المسموح به للقوارب ببضعة سنتيمترات فقط، مما سيمكنهم من حمل كميات أسماك تصل إلى 800 كيلوغرام، وهو ما سيكون له أثر إيجابي على الدخل الفردي للبحار.

واعتبر أن استمرار تجاهل مطالب البحارة، وخاصة أولئك الذين لم يحصلوا على التراخيص رغم امتلاكهم للقوارب، يعد خرقا لحقوقهم ويعمق الهشاشة التي يعيشونها، مضيفا أن وقف القوارب عن العمل يعني “تشريد عمال وأسر بأكملها”.

ودعا الشافعي القطاع الوصي إلى مراجعة شاملة للسياسات المتبعة في الصيد التقليدي، ورد الاعتبار للبحار باعتباره العمود الفقري لهذا القطاع، مؤكدا أن “البحار التقليدي هو من يوفر السردين والأسماك للمستهلك المغربي، خلافاً لأسماك أعالي البحار التي توجه غالبا للتصدير أو التجميد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشور السابق

المغرب يتصدر قائمة مصدري الحمضيات الصغيرة إلى الاتحاد الأوروبي

المقالات ذات الصلة