مع الازدهار الكبير في التجارة الإلكترونية، أصبحت الأدوية المزيفة تشكل تهديدًا متزايدًا للصحة العامة. فقد أدت سهولة الوصول إلى الأسواق الإلكترونية غير المنظمة إلى تزايد بيع الأدوية المزيفة، التي قد تحتوي على مكونات غير صحيحة أو جرعات غير دقيقة، أو في بعض الحالات قد تكون خالية من أي مادة فعالة. هذا يجعل المرضى عرضة للمخاطر الصحية الكبيرة ويؤخر علاجهم أو يجعلهم في حالة أسوأ من ذي قبل.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن الأدوية المزيفة قد تكون شديدة الضرر، إذ قد تحتوي على ملوثات أو مواد سامة تؤدي إلى تفشي أمراض جديدة أو تسبب مقاومة للأدوية. وقد ظهرت حالات مأساوية، مثل وفيات الأطفال في غامبيا وأوزبكستان بسبب شراب سعال مغشوش، لتوضح خطورة هذه الظاهرة.
وتزايدت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة التجارة بالأدوية المزيفة، خاصة في المناطق التي يصعب فيها الحصول على الرعاية الصحية المناسبة. كما أن تزايد ظاهرة التطبيب الذاتي، حيث يقوم الناس بشراء الأدوية دون استشارة طبية، ساعد في انتعاش هذا السوق غير الشرعي. المواقع الإلكترونية التي لا تخضع للرقابة القانونية أصبحت سوقًا رئيسيًا لهذه الأدوية المزيفة، ما يزيد من تحديات مكافحة هذه الظاهرة.
كشفت التحقيقات العالمية مثل عملية “بانجيا 17” التي أجراها الإنتربول عن حجم المشكلة، حيث تم ضبط ملايين الجرعات من الأدوية المزيفة في أنحاء مختلفة من العالم. الأدوية المزيفة أصبحت الآن أكثر ربحية من تجارة المخدرات، وتتنوع لتشمل مجموعة واسعة من العلاجات، بدءًا من أدوية السرطان والسمنة وصولًا إلى أدوية السكري. هذا يعكس مدى تعقيد الظاهرة وانتشارها.
إزاء هذه التحديات، تظهر الحاجة الماسة إلى تعزيز التعاون الدولي لمكافحة تجارة الأدوية المزيفة. يتطلب الأمر تقوية الرقابة على المواقع الإلكترونية، وتفعيل القوانين التي تحارب بيع الأدوية غير الشرعية. كما أن الوعي العام بشأن مخاطر الأدوية المزيفة يجب أن يكون جزءًا من الاستراتيجية العالمية لمكافحة هذا التهديد المتزايد.
